«نهاية كيان»!
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
ما يلفتني اليوم في كل ما يحصل هو غياب أي رؤية أو استراتيجية أمريكية واضحة ليس تجاه لبنان فقط، بل تجاه المنطقة عموما.
الإدارة الأمريكية الجديدة تبدو عاجزة بشكل كلي. وهي غير قادرة على وضع تصور يقطع مع إرث المرحلة الترامبية، رغم ادعائها السعي للقطيعة معها. السياسة الخارجية لا تبدو إلى الآن سوى استمرار لما سبق دون أي تغيير يذكر، ومرد ذلك لأسباب موضوعية حاكمة للسياسة الأمريكية تتعلق بالعبقرية الإيرانية التي جعلت من إيران مرتكزا صينيا بالدرجة الأولى، ومحطة تقاطع صيني ـ روسي في المنطقة التي تشكل قلب العالم اليوم. يبدو اليوم أي تراجع أمريكي أمام إيران مثلا، هو مكسب للصين التي باتت موجودة في طهران وسوف تظل لعقود قادمة.
إيران التي تخطت مرحلة إمكانية شن حرب عسكرية أمريكية مباشرة عليها، والتي تحصنت باتفاق الإطار الاستراتيجي مع الصين لا تبدو مستعدة اليوم -مع شبه الحسم بوصول إبراهيم رئيسي إلى سدة الرئاسة فيها- للتراجع عن مكتسباتها في العشر سنوات التي انقضت.
تعجز الولايات المتحدة الأمريكية عن ترجمة المصالحة (التركية ـ المصرية)، و(التركية ـ الخليجية)، على مستوى خرائط الإقليم في الاقتصاد، وحتى في السياسة.
"صفقة القرن" وصلت إلى إفق شبه مسدود مع جولة القتال الأخيرة.
روسيا ثبتت موقع الرئيس الأسد وبنية النظام في سورية لسنوات سبع مقبلة.
التوازنات في المنطقة والعالم لا تسمح بالحسم، لكنها لا تسمح بتسوية أيضاً، وهذا مكمن الاستعصاء الحاصل.
مشهدان كثيفا الدلالة يدحضان الوهم بإمكان وجود أي أرضية تسووية في الإقليم: مشهد العملية العسكرية اليمنية في جيزان، ومشهد السفير الإماراتي وهو يستجدي بركات كبير الحاخامات.
إذا كانت سورية لا تزال صامدة بفعل وجود هيكل مؤسسي لا يزال يعمل وإطار دولي إقليمي حاضن يمنع السقوط، وإذا كانت التوازنات الدقيقة الحاكمة في العراق قد منعت ولا تزال سقوطه الكلي، يبدو الوضع في لبنان مختلفا.
لا إطار دولي حاضن، ولا موانع دولية للسقوط الحر. لبنان بما هو حاصل بنية وظيفية انتهت، وتسويات إقليمية غير متاحة، يسير اليوم على خطى التحلل الكلي.

كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات