«إسرائيل» وهواجسها الأمنية
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
تصريح نتنياهو بأن المطلوب من سورية هو منطقة منزوعة السلاح، تمتد من جبل الشيخ حتى دمشق، يعني أن خط التماس («الإسرائيلي» - التركي) سيكون في دمشق؛ علماً أنه في سورية، وبعد تدمير الجيش وسلاحه، لا يوجد سوى هياكل لمليشيات تنضوي تحت مسمى «وزارة الدفاع»، إذ لا يوجد بنية جيش تقليدي ولا سلاح جو أو بحر ولا صواريخ استراتيجية ولا حتى دفاع جوي يعتد به، بعدما دمرت «إسرائيل» كل الإرث العسكري للحقبة السابقة.
من ناحية أخرى، المطلب «الإسرائيلي» بنزع سلاح حزب الله في حال تحقق يعني أن يتبعه مطلب آخر يقضي باعتبار المنطقة الممتدة من الحدود اللبنانية جنوباً حتى الأولى منطقة منزوعة السلاح يكون دور الجيش اللبناني فيها أشبه بالشرطة منه إلى الجيوش التقليدية. وقد كتب خلال الحرب حاكم مصرف لبنان الحالي مقالاً في إحدى الصحف الأمريكية طلب فيه أن تكون المنطقة المنزوعة السلاح ممتدة حتى الدامور وربما الناعمة أو خلدة على ما أعتقد! هذا يعني أن خط التماس (الإيراني - «الإسرائيلي»)، في حال نجحت «إسرائيل» بتحقيق خططها بالنسبة لنزع سلاح حزب الله، سوف يصبح في وسط العراق.
في غزة تم قطع تواصل جغرافيا القطاع مع مصر ليصبح ما تبقى منه أشبه بمخيم كبير معزول ومحاصر، وتكون معه صحراء سيناء منطقة فاصلة أو خط تماس بين مصر و»إسرائيل».
هنا يتضح الهدف من تدمير الدولة المركزية في كل من العراق وسورية، وحل الجيوش والسلطة المركزية بمؤسساتها، وتحويل سورية والعراق إلى نموذج مستنسخ من النموذج اللبناني، حيث يتداخل نفوذ تركيا وإيران و»إسرائيل»، والحرب الأمريكية التي حصلت في العامين الفائتين كان هدفها إعادة رسم جغرافيا المنطقة عبر تحويل المشرق العربي إلى جغرافيا فاصلة بين «إسرائيل» المسكونة بهاجس الأمن وكل من تركيا وإيران ومصر بوصفها الدول المركزية الثلاث في الإقليم، إضافة إلى استكمال المشروع بتشبيك دول الخليج و»إسرائيل»، التي ستصبح ركيزة النفوذ ومنظومة الأمن الأمريكي في المنطقة.
حديث توم براك عن أن «سايكس بيكو» هي خطأ تاريخي، وأن منطقة المشرق العربي عبارة عن طوائف وقبائل وقرى، يعكس النظرة الأمريكية لمستقبل سورية ولبنان والعراق والأردن، وتوصيفه لهذه الدول كـ»دول فاشلة» يعكس الوظيفة الأمريكية المطلوبة من جغرافيا المشرق العربي في هذه المرحلة.

أترك تعليقاً

التعليقات