مسوخ وجراء!
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
صار لي فترة بعيد عن الفضاء الافتراضي وبعيد تقريبا عن الحياة الاجتماعية المدينية. جيت وانصدمت بخبرية اغتيال «سلمان رشدي»، وأنا في ذهني أن رشدي هذا مات منذ زمن أو اغتيل منذ زمن. طبعا، جوقة المتغربنين ما غيرها ونباحي الغرب والولايات المتحدة عملوا مناحة عالرجل كما فعلوا يوم الهجوم على «شارلي إيبدو»، وطبعا يا سيدي عملوا القصة «حرية رأي، وديمقراطية، وظلامية، وحداثة، وتنوير، وأدب وشعر... إلخ».
هو تحديدا رشدي هذا ليس شخصا، وفتوى القتل التي أصدرها الراحل الخميني لم تكن في معناها فتوى دينية أو فتوى شرعية. رشدي هذا هو الولايات المتحدة الأمريكية، وفعل رشدي بالاستهزاء من القرآن بما هو دستور الثورة الإيرانية وعامودها كان فعلا سياسيا وسكينا من السكاكين الكثيرة التي وجهت إلى الثورة الإسلامية الفتية.
إذن، الفعل سياسي، ورد الفعل (أي الفتوى) هو رد سياسي وليس ردا شرعيا أو دينيا أو قيميا. الكاريكاتور الذي ينشر دوريا ويستهدف الرسول أو القرآن أو رموز الإسلام ليس فعلا حداثيا هدفه هدم المطلقات الدينية. هذا فعل سياسي هدفه تشويه تاريخ أهل المنطقة ومعتقداتهم وأسس مباني اجتماعهم وهي حصن ممانعتهم الأخير أمام آلة النهب الغربي التي مزقت المنطقة والتي تحول من نجا من بارودها إلى جثة تحول حية جائعة وهائمة دون مستقبل أو أفق.
إضافة إلى تحويل الكتلة السكانية العربية إلى كتلة جائعة ومشردة تقع -بحسب نازاروف- في أسفل سلم الهرم الغذائي العالمي، يصر الغرب على استهداف «الإسلام» الذي بقي إلى اليوم آخر حصون أهل المنطقة في الدفاع عن ذواتهم واستمرارية وجودهم، ومنه أطلق الخميني مشروعه الاستقلالي، ومن هذا المشروع تفرعت حركات مقاومة تقارع الغرب الناهب والغازي على امتداد مساحة المنطقة.
بالتوازي مع ذلك كله، أنتج الغرب في منطقتنا مسوخا وجراء أدانوا الخميني وانتصروا لرشدي، وهم بفعلهم هذا ينتصرون لجرائم الغرب بحق أهلهم والتي ما زالت مستمرة منذ قرون خمسة.
 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات