عن أوهام «النقد» و«فوائده»
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
انكسار معادلة الردع في الحرب الأخيرة ليس خطيراً على مستوى الأمن بقدر ما هو خطير على مستقبل التنظيم. الفعل في هذه الظروف هو شبه انتحار. والعجز عن الفعل يجعل المشكلة ترتد إلى داخل التنظيم وبيئته، ما ينذر بمشاكل كبرى حتى لا نبالغ ونقول بـ«تفكك».
ثمة فراغ كبير تركه غياب السيد. وكان هناك بتقديري كرم إلهي برحيله؛ لأن مثله لا يستطيع أن يحيا مع «كسر معادلة الردع»، وهذا لا يليق به وبما قدمه على مستوى المنطقة وليس البلد فقط.
في كل الأحوال، الفراغ الذي يلف المنطقة اليوم وحالة التيه العامة تجعل الكثيرين، ممن يشعرون بالضيق والعجز، يتكلمون عن ضرورة «النقد» باعتباره أساساً لترميم ما هدم، فيما هو ليس سوى وسيلة للتنفيس عن الغضب، وهذا يضر عملياً بأهداف التنظيم.
في المقلب الآخر، يرتد عجز السلطة الحالية في سورية عن تثبيت شرعيتها ومواجهة الإذلال «الإسرائيلي» وقلة الأموال، بالتنكيل بالأقليات، حيث البحث عن الخطر الوهمي الذي يهددها، فيما الخطر في مكان آخر. كل انتكاسة على مستوى إدارة البلد والعلاقات الخارجية تقابل بمزيد من سفك الدماء واختراع عدو وهمي في الداخل، حيث بات «فلول النظام» هم الشماعة التي تعطي السلطة الجديدة «مشروعيتها»، وحيث تهرب هذه السلطة من استحقاقاتها إلى ما تجيده وهو محاربة «النظام» الذي لم يعد موجوداً. لقد سلمت القوى الدولية «الشرع» جثة كبيرة ممزقة اسمها سورية، وتركيا لا تستطيع انتشال هذه الجثة وترميمها وحدها، وهذا الترميم يستلزم مقدرات مالية كبيرة.
بالعودة إلى التنظيم، فالتقليب في دفاتر الماضي لن يجدي نفعاً. ثمة ظروف إقليمية ودولية مستجدة، وثمة الكثير من العمل في الانتظار، حيث لا وقت للكلام الذي بات من دون معنى أساساً.
هناك حالة تيه أخرى في الأردن ومصر، وحتى في دول الخليج، تترجم بعجز عن ترتيب أوراق المنطقة أو وضع تصور شامل لأزماتها، خاصة في ما يتصل بسورية وبالقضية الفلسطينية، في وجه عبثية أميركية وتغوّل «إسرائيلي» في كل جغرافيا الإقليم. إيران أيضاً منكفئة وحذرة وقد قطع الأمريكيون يد «ظريف» التي مدت لمصافحتهم بالضغوط القصوى والتهديد المستمر بالعدوان العسكري.
المنطقة عموماً في حالة تيه ولا يوجد استراتيجيا واضحة لإدارة الأزمات التي خلفتها الحروب الأمريكية المباشرة وتلك التي حصلت بالوكالة. يحصل هذا كله في عالم مضطرب وعلى شفا انفجار.

أترك تعليقاً

التعليقات