رحيل آخر الفرسان
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
بات من الواضح أن شرق أوروبا كان مقابل غرب آسيا، وأن التأني الإيراني كان في مكانه أو أن الردع الأمريكي نجح في لجم إيران. إيران إمبراطورية، والإمبراطوريات لها عقل ولا تسعى تاريخياً للانتحار، إلا إذا لم تكن هناك خيارات تاريخية أخرى متاحة.
لقد بنت إيران استجابتها على اندلاع الطوفان كمتغير بتحريك جبهات الإسناد الثلاث، ووضعها كأوراق في يد المفاوض الفلسطيني لإنهاء الحرب، لكن يبدو أن القرار كان قد اتخذ على مستوى الغرب بأكمله بإنهاء المقاومة في جبهة غرب آسيا، وقد توج هذا التوجه بإسقاط سوريا دون أي رد فعل روسي...
لقد كان الأوان قد فات على تراجع الحزب، بعد ما بان من اختراق في تفجيرات البايجر، والسعي الإيراني الفرنسي المشترك حينها لطيِّ ملف الحرب، قوبل باغتيال السيد وباقي القيادات.
في إسقاط تاريخي يمكن القول إن السيد خرج في جبهة الإسناد لطلب «وقف الحرب والإبادة بحق الفلسطينيين»، كما خرج الحسين «لطلب الإصلاح في أمة جده»، وكما وصل الحسين لكربلاء وكان القرار قد اتخذ بتصفيته، كان أيضاً القرار قد اتخذ بتصفية السيد وكل بؤر المقاومة في المنطقة مهما كان عدد الضحايا والأثمان والتكلفة، حيث وصل الصراع إلى نقطة لم يعد بمقدور السيد إيقافه أو حرفه عن مساراته التي رسمتها قوى الشر.
هذا السيناريو مسبوقاً بالاختراقات الهائلة التي حققتها «إسرائيل» هو الذي جعل السيد، بحسب ما سرب ممن رأوه في الفترة الأخيرة، يستشعر أنه راحل. لقد قادت أخلاق وتدين وإنسانية السيد، قادته إلى نهايته كفارس شجاع يشبه جده الحسين، وكما الحسين بين المبدأ والحسابات الدنيوية كان السيد الراحل أسير مبدئه.

أترك تعليقاً

التعليقات