مطهر الأشموري

مطهـر الأشموري / لا ميديا -
والمرء يتابع استمرار الإبادة الجماعية في غزة، ويتابع بالمقابل زيارة "ترامب" للمنطقة وحلْب أربعة تريليونات دولار، فإن ذلك كأنما أصبح هو الأمر الواقع أو تحصيل الحاصل؛ لأن الخونة والعملاء لأمريكا و"إسرائيل" أكثر ما باتوا يفاخرون به هو عمالتهم وخيانتهم.
ولهذا فإني ظللت أجهد نفسي لتعاطٍ لا يركز أو لا يرتكز بالضرورة على المشهد الذي تابعناه؛ لأنه إذا أصبح توصيف الخيانة والتخوين لم يعد القضية ولا المحورية وقد بات مسلمة وبديهية فإن القضية تصبح هي الأرضية التي نمت وبنيت عليها هذه العمالة والخيانة.
ولذلك فإني أريد أن أصدم كل المصدومين من هذا المشهد التراجيدي وحلب تريليونات في أقصر زيارة لرئيس أمريكي.
دعوني أسأل المصدومين من المشهد: هل تعتقدون أن مثل هذا يحدث للمرة الأولى؟! وهل ما ظل يحدث في مسار العمالة والخيانة التاريخي ليس بهذا المستوى أو بهذا السقف؟!
أجيب بأنني شخصياً تألمت كثيراً من هذا المشهد؛ ولكنني لم أصدم بمستوى صدمة وذهول كثيرين؛ لسبب بسيط، وهو معرفتي بأن ما ظل يحدث منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية هو أكثر بكثير مما شاهدوه وشهدوا عليه في هذا المشهد. والمشكلة في نظري هي ما قدمه المشهد من متراكم عمالة وخيانة أكثر منها في أربعة أو حتى عشرة تريليونات دولار.
ولهذا علينا أن نحرص -من تفكير أبعد وفكر أعمق- على ألا نجعل خطابنا مجرد خطاب تخويني، ربطاً بواقع وأمر واقع، وألا يكون -وإن بدون وعي- خطاب إحباط بما يضعف إرادة أو يؤثر في تثبيط الهمم، وبأي قدر.
ما حدث أمامنا هو الاستعمار المطوَّر بديناميكيات وأدوات الاستعمال، وكأن ترامب يريد إعادة واستعادة عظمة أمريكا من خلال الاستعمار والمزيد من نهب ثروات الشعوب.
ومع ذلك، فأمريكا في بيت القصيد/ الاقتصاد تتوالى هزائمها الاقتصادية أمام الصين بأوضح وأكثر وأعمق وأوسع من هزائمها الأخرى سياسياً وعسكرياً ونحو ذلك.
إذن، أي أحد ما زال ينظر أو يفكر بأن الأنظمة، وبالذات العميلة تاريخياً لأمريكا و"إسرائيل" ربطاً بالاستعمار القديم، مازال ينظر إليها أنها من يحدد سقفاً لعمالته وخيانته، فهو قاصر النظر كفاقد البصر؛ لأن هذا السقف هو شأن الإدارة والصلاحية الأمريكية، وبقدر ما تنجح أمريكا في ترويض الشعوب لاستعمال الأنظمة العميلة لهذا الترويض ترفع هذا السقف أو تبقيه بأوامر لهذه الأنظمة.
في إطار هذا الترويض المتراكم تصبح الأنظمة أو الحكام هم الإله للشعوب، وأمريكا هي الإله للأنظمة، وفوق الطقوس الشعاراتية كدين، وفوق توحيد الله كحقيقة واستحقاق. ولذلك فالإرهاب هو -بكل تأكيد- صناعة أمريكية في إطار الترويض الأمريكي للأنظمة ومن خلالها للشعوب.
كل الشعارات التي يرفعها إعلام هذه الأنظمة وغيرها هي في إطار استراتيجية ترويض الشعوب، وباستعمال أنظمتها العميلة والخائنة؛ لأن فلسطين هي قضية العرب والمسلمين قبل مجيء الثورة الإسلامية في إيران. فإذن، "إسرائيل" هي مشروع (بريطاني - أمريكي)، فكيف تكون فلسطين هي مشروع الثورة الإيرانية قبل مجيء هذه الثورة بقرابة أربعة عقود؟!
العملاء والخونة، ربطاً بأمريكا و"إسرائيل"، اخترعت لهم أمريكا هذا الشعار، وروضت له أرضية بكل قدراتها وقدرات هذا المال العربي الملزم والملتزم باصطفاف أمريكا و"إسرائيل" من زمن بعيد وفوق أي ظاهر وظواهر أو خداع للظاهر.
ما دمت أؤمن بالله عز وجل فإني أؤمن بسننه الكونية. والربط بالأسباب هو في إطار هذه السنن. والمشهد الذي تابعناه كأنما يمثل معارضة لسنن الله الكونية، وكأنما باتت أمريكا و"إسرائيل"، وبالتالي ركام العملاء والمرتزقة والخونة باقتراب تحقق هذه السنن الإلهية، ولنا التوقف عند قول الله تعالى: "الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون".
ختاماً أقول للمصدومين: لا تخافوا من أي طاغٍ، ولا من أي طغيان، ولا من مددهم ومدهم، فذلك من مؤشرات التحضير لسنة كونية قادمة، وأراها قائمة. قال تعالى: "إن الله لا يخلف الميعاد".

أترك تعليقاً

التعليقات