النظام السعودي أُسس لدور الصهينة!!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
عندما نتوقف عند مشاركة أنظمة عربية في حرب 1973م مع ومن أجل فلسطين؛ ومنها النظام السعودي، فذلك لا يعني البتة أن هذه الأنظمة كانت «آنذاك» قومیة أو إسلامية، ومن ثم فهي انقلبت على ذاتها في قوميتها وإسلاميتها فهي بالتأسيس والطبيعة في تطبيع مع هذا الكيان.
ارجعوا إلى رسالة بعثها ملك السعودية «فيصل» إلى الرئيس الأمريكي وطالب فيها بحرب خاطفة ضد مصر الثقل القومي العربي الأهم.
أمريكا وهذه العميلة والمطبعة من الأساس تدارسا قضية اسمها «مواقف الشعوب عربياً وإسلامياً»، وتم الاتفاق على أن تتولى أمريكا ترويض وإحباط هذه الشعوب بكل قوة ممكنة ومتاحة، وبقدر ما ينجح هذا الجهد الأمريكي يتم توسيع التطبيع حتى الوصول إلى المجاهرة المباشرة بالتطبيع.
ولهذا، فالنظام السعودي كان شريكاً مباشراً فی اتفاق «كامب ديفيد»، وبالتالی فما سُمي انتصار أكتوبر 1973م، آل إلى انهزام أو استسلام وتطبيع بالنتيجة.
والطريف أن النظام السعودي والأنظمة الأخرى تقاطروا إلى «قمة بغداد» لمقاطعة مصر بسبب تطبيعها وذلك لحاجة استمرارها أمريكياً في تمزيق الأنظمة، وسلطنة عُمان هي الوحيدة التي رفضت مقاطعة مصر.
عندما نمر على الأهم من التطورات سنجدها تفعيلا للسيناريو الأمريكي والأنظمة العميلة ومن ذلك المبادرة السعودية التي سُميت بـ«المبادرة العربية».
ولذلك ومن خلال التتبع والاستقصاء والفهم يمكننا ببساطة ووضوح فهم خلفية ومتراكم الخذلان العربي الإسلامي لغزة وفلسطين.
ولهذا فالنقلة والانتقال مما عُرفت بـ»المبادرة العربية للسلام» إلى التركيز على دولة فلسطينية هو لاحتواء وامتصاص ما فضحته غزة والإبادة الجماعية كتجميل وإعادة تأهيل للأنظمة العميلة التي انفضحت، وحديث الرفض الأمريكي للاعتراف المزعوم بدولة فلسطينية هو تمرير مؤامرة أكبر وأوسع ليس على فلسطين القضية والشعب، بل على المنطقة برمتها.
إذا كان الكيان اللقيط يريد إنجاح القرار الأمريكي في مجلس الأمن الدولي حول غزة وإنهاء أو انتهاء الحرب عليها فيكفيه إعلان تحفظه أو حتى رفضه لمضمون القرار الأمريكي لتخويفه بالموت بما يجعل المشروع الأمريكي هو الأفضل أو الأفضلية حتى على مستوى المجتمع الدولي.
ولذلك يعنينا التفريق بين العمالة المؤسسة والمؤسسية لأنظمة كما السعودي، وبين عمالة استدرجت أنظمة إليها أو أجبرت عليها.
المفكر الكبير محمد حسنين هيكل طرح ضمن كتاباته بعد «أول كامب ديفيد» إن «الثورة -ويقصد مصر- التقت مع الثروة». وواقعياً لم أحس أني اختلفت مع ما يطرحه هذا المفكر كما في رؤيته لما أسماه «التقاء الثورة والثروة».
فالذى حدث بعد «أول كامب ديفيد» هو احتواء الثروة للثورة وبتسارع، ولم تكن كل الحروب سواءً في الخليج وأفغانستان إلا لتفعيل هذا الاحتواء.
من أرضية الأنظمة العميلة فأمريكا حاربت الاتحاد السوفيتى (السابق) بالأسلمة أو مسمى «الإسلام»، ولولا دور النظام السعودي تحديداً وتماهي مصر المطبعة مع ذلك ما كانت أمريكا لتنجح مثلاً في حرب أفغانستان ربطاً بتفتيت الاتحاد السوفيتي.
فالحرب بمسمى أو عنوان «الإسلام» كانت واقعياً أسوأ حرب شنها الاستعمار (الأمريكي -الغربي) على الإسلام، واستثمرت بوجهي اللعبة «الحرب بالإرهاب» ثم «الحرب ضد الإرهاب»، وأمريكا حين تريد تصنف «شرع سوريا» إرهابياً، وترصد ملايين الدولارات لمن يدلي فقط بالمعلومات عنه، وأمريكا حين تريد تدفعه إلى واجهة ورأس الحكم في سوريا، فماذا أبقت لوجهي لعبتها القذرة من أرضيه عملائها بانبطاحهم المؤسس وليس المسيس؟
كل ما يمكن طرحه في هذا السياق ليس جديداً ولا جدة فيه، لأنه وقائع ثابتة وأمر واقع نعيشه ونعايشه.
كيف لنا قراءة الفارق في تفعيل قانونين أمريكيين، كما قانوني «جاستا» و»القيصر»، وهل ما يزعم الاعتراف بدولة فلسطينية أو الترفيه من صناعة وتصنيع الإرهاب كحساب أمريكا وفق اعترافه الصريح الذي عزز باعتراف باكستاني، وكيف لنا المقارنة بين «جهاد الأسلمة» (السعودي -الأمريكي) في أفغانستان، وبين مشاركة النظام السعودي في العدوان على الشعب الفلسطينى وارتكاب أسوأ إبادة جماعيه في غزة، وهكذا فالنظام السعودي يحارب بالإسلام أينما تريد أمريكا ويحارب الإرهاب حسب التوصيف والحاجية (الأمريكية -الصهيونية).
كل هذا هو معطى ونتيجة للانتقال من تموضع الثورة إلى واقع احتوائها وتطويعها من قبل الثروة، ولهذا فإن ما يجري في فلسطين لم يعد مقاومة وفق كل الشرائع السماوية والوضعية. فيما أن ما يجري في سوريا هو ثورة، ولهذا أقول بكل تواضع إنني اختلفت مع هيكل «العملاق»، إذ إن الرئيس الأمريكي ترامب ذاته يقول إنه لولا السعودية ما كانت «إسرائيل»، لتأتي أو لتستمر، فهل نحتاج إلى دليل أو استدلال أكثر من هذا؟!

أترك تعليقاً

التعليقات