«سايكس - بيكو ترامبي» ولد ميتاً!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
يمكننا ببداهة التسليم بأن النظام العربي الرسمي لم يعد يعول عليه، لا في القضايا القومية ولا في قضايا الأمة، ومعظم الأنظمة باتت مع تموضع أمركة وصهينة، وباتت في مستوى من التطبيع، ولا تفرق مسألة أن يكون من فوق أو من تحت الطاولة.
ومع ذلك فواضح ما يُطرح من قضايا ربطاً بهذا هو ما يسمى «الشرق الأوسط الجديد»، وهنا ينتقل الأمر تلقائياً إلى «محور المقاومة» الذي ما زال وسيظل الدور المهم والأهم فوق كل ما يطرحه إعلام البلطجة (الأمريكية - «الإسرائيلية») وكل أتباعه وتوابعه من أنظمة عميلة ومرتزقة لا يخلو بلد منهم.
ومع ذلك، نحتاج إلى أفق يتجاوز الحالة العربية ووضع المنطقة، ولنطرح أسئلة عن الصراع العالمي ومدى ربطه أو ارتباطه بمثل هذه المشاريع أو الأطروحات.
من ناحية مثلاً، فإن أمريكا والكيان اللقيط وحتى الأنظمة العربية المتأمركة المتصهينة شاركوا أو تشاركوا في العدوان على الشعب الأعزل في غزة، ومارسوا أسوأ إبادة جماعية في التاريخ، ومع ذلك لم ينتصروا واضطروا للسير إلى اتفاق سياسي لإنهاء الحرب، وأياً كان مصير هذا الاتفاق، فذلك يعني عدم أهلية أمريكا وربيبتها ومن يدور في فلكهما لتشكيل المنطقة كما يُراد صهيونياً وإن كانتا كسبتا بالنقاط في الحالة السورية فالوضع قابل للتغيير.
في استراتيجية الصراع العالمي فإن الصين وروسيا يستحيل أن يقبلا لأمريكا بإعادة تشكيل المنطقة.
ولأن ترامب أمريكا رجل صفقات واتفاقات فهناك مؤشرات في تعامله مع روسيا في المسالة الأوكرانية إلى أنه من طرفه يسعى لصفقة مقايضة و«سايكس بيكو» جديدة؛ ولكن الزمن والمتغيرات عالمياً وعلى مستوى المنطقة تجاوز مثل هذه الصفقات. البعض يربط مثل هذا بما حدث في سورية والموقف الروسي من هذا الحدث، وذلك بالتأكيد يطرح علامة استفهام، ولكنه ليس بالضرورة أن يقرأ أو يفهم هكذا.
من جانب آخر، فالبعض يركز على حقيقة أن أمريكا في الأهم تتمنى أن تنجح في إبعاد روسيا عن الصين. ويرى أن هذا قد يكون أهم الأهداف من صفقة «سايكس - بيكو» الأمريكية. وذلك يعني مقايضة روسيا بأوكرانيا مقابل مشروعها في المنطقة، وكل هذه الهواجس عادة ما ترتبط كذلك بما حدث في سورية. وهنا أجزم بأن هذا التفكير ليس فقط قاصراً جملة وتفصيلاً، بل وقد يستعمل بين الأدوات للمشروع الأمريكي الصهيوني.
من يتابع حقائق ما يجري ربطاً بأوكرانيا وما يجري في محورية إيران، سيتأكد له ما طرحت، وبالتالي فمسعى ترامب لمثل هذه الصفقات معروف ومسّلم به، وترامب ذاته هو إمبريالي واستعماري أكثر من الاستعمار، وهو مجرد أداة للدولة العميقة كإمبريالي واستعماري. ولكن روسيا لا يمكن ويستحيل أن تجر إلى الخط الترامبي الاستعماري، وهي توافقت مع الصين وحلفاء آخرين على استراتيجية تحرر العالم من الاستعمار. وعندما يقول وزير خارجية روسيا إن الغرب الاستعماري هيمن على العالم لأكثر من خمسمائة سنة فذلك يؤكد استحالة العودة إلى صفقات وصفات هذا الاستعمار من طرف روسيا، وبالتالي فإن روسيا تتعامل بطريقة «دعوا الدولة العميقة وترامب يحلموا ويعيشوا أوهاماً يستحيل أن تأتي أو أن تتحقق».
مجرد أن يضطر ترامب إلى توقيع اتفاق لإنهاء الحرب في غزة ومع «حماس»، ومجرد أن تذهب الدولة العميقة و«ترامبها» للعودة إلى صفقات الاستعمار القديم «سايكس بيكو» فذلك يكفي لتأكيد فشل بل وانتهاء المشروع الأمريكي في «الشرق الأوسط».
دعوا كلاب وحمير أمريكا والكيان اللقيط تنهق وتنبح كيفما تريد حين تريد؛ ولكن مشروع أمريكا مات قبل أن يولد، وانتهى قبل الحصول على شهادة ميلاد. وإذا «سايكس - بيكو» القديمة انتهت فلم تعد من إمكانية لجديد أو تجديد وأيضاً الزمن بيننا!

أترك تعليقاً

التعليقات