ترامب إلى أين.. وماذا بعد؟!
- مطهر الأشموري الأربعاء , 16 أبـريـل , 2025 الساعة 1:06:15 AM
- 0 تعليقات
مطهر الأشموري / لا ميديا -
يقولون إن ترامب هو رجل الصدمات والصفقات، وبالتالي هو رجل الحروب الكلامية الإعلامية الحادة ليمارس بها الصدمات ويسعى من خلالها للوصول إلى صفقات.. ولهذا فتهديده المتطرف الحاد لإيران بالحرب إنما للوصول إلى التفاوض، ولذلك فأغلب المحللين في العالم يرون أو يؤكدون أن قراره المتسرع والأرعن برفع التعرفة الجمركية إنما ليصل إلى التفاوض، ومع الصين والاتحاد الأوروبي تحديداً.
أمريكا تعاني من وضع ومشاكل داخلية متراكمة ومعقّدة وهي لم ترد ولاتزال لا تريد حلحلة واقعية لمشاكلها الداخلية، لأن الرأسمالية هي الحاكم الفعلي الأمريكي «الدولة العميقة»، وهذه الرأسمالية لا يعنيها ولا هدف لها غير الربحية، وهذا الهدف هو الأولوية والأهم للرأسمالية من الوطن والشعب الأمريكي أصلاً.
ولذلك فكل ما يمارسه ترامب في قراراته هو تنفيذ لوصفة و«روشتة» الرأسمالية لتخفيف المشاكل في واقع الداخل الأمريكي على حساب دول وشعوب العالم دون أن تتخلى الرأسمالية الأمريكية حتى عن 1% من أرباحها.
على سبيل المثال، فالسعودية والإمارات قدمتا لأمريكا قرابة تريليونين ونصف دولار على أنها استثمارات، ولو أن هذه الاستثمارات حقيقية ومربحة لتقدمت لها الرأسمالية الأمريكية أو الشركات الأمريكية ولكن هذا مجرد ابتزاز بمثابة «جزية»، وبالتالي فأمريكا الرأسمالية منشغلة بتفكير الابتزاز و«الجزية»، ولكن بأساليب وطرق كون دول العالم يستحيل أن تقبل بما قبلت به السعودية والإمارات.
مادامت الرأسمالية هي الحاكمة لما تسمى الدولة أو النظام في أمريكا فإن الدولة الأمريكية ليست مشكلتها في فارق وعجز الميزان التجاري، ولكن في عجزها الدائم المستدام بأن تعالج مشاكلها الداخلية لصالح الوطن والشعب والمجتمع الأمريكي، لأن الربحية العالية للرأسمالية الحاكمة المتحكمة باتت الهدف المؤسس المقدس لما تعرف بالدولة والنظام في أمريكا وكل السياسات الأمريكية الخارجية وحتى الداخلية تنطلق من هذه الغائية الرأسمالية «المتوحشة»، وتظل حولها تتمحور، فلاحظوا أنه تم إعداد وتهيئة ترامب لأداء هذا الدور وذلك يلتقط بوضوح من خلال ما طرحه ويطرحه عن «الدولة العميقة» وأنه يخالفها أو يختلف معها.
والهدف من كل هذا هو نفي أن ترامب مجرد موظف صغير مع الرأسماليه أو «الدولة العميقة»، ومع ذلك فإن ترامب لم يقدم غير مسمى «الدولة العميقة» دون حد أدنى من التوضيح لماهية ومن هي «الدولة العميقة».
فإذا لم تكن هذه «الدولة العميقة» هي «الرأسمالية» فمن تكون هذه «الدولة العميقة» التي يختلف معها ترامب كما يزعم؟
منظمة التجارة العالمية لم تؤسسها الصين ولم تكن بين مؤسسيها، بل ظلت بعيدة، ومن ثم مستبعدة حتى تم قبولها في الانضمام لعضويتها بعد عقود، أمريكا هي التي أسست هذه المنظمة وتزعمت التأسيس والتسييس لها، وبالتالي فأمريكا كزعيمة ووارثة للغرب الاستعماري هي التي فرضت أسس وقواعد ومعايير هذه المنظمة، وبالتالي فأمريكا هي من اخترقت ودمرت كل معايير هذه المنظومة.
ترامب كان هدد بالانسحاب من هذه المنظمة، بل ومن منظمة الأمم المتحدة، وذلك يعني ببساطة أن أمريكا لا تريد عالماً يستقر، وهي ضد أي نظام يحقق استقرارا بأي سقف في العالم سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التجارة أو غيرها من الجوانب.
إذا كانت القضية في ديموقراطية وديكتاتورية وفق التوصيف الأمريكي فأكثر ديكتاتورية عرفها التاريخ البشري هي أمريكا، وإذا كانت القضية تقاس بنسبة العدل والعدالة فالنظام في الصين وهو الأكثر تنمية فهو أفضل نظام عادل، ومن يقارن بين عدد السكان في الصين مقابل أمريكا لا يمكنه إلا الإقرار بأفضلية العدالة في الصين التي رفعت كل هذا العدد المهول من السكان فوق خط الفقر، وتعملقت في إنشاء أحدث بنية تحتية وإحداث تنمية شاملة وشمولية لتطوير الصين من أرضية اجتماعية وطنية صلبة ومتينة.
ومع ذلك فأمريكا تريد تعميم الفوضى العالمية وتدمير العالم بأسره وإن تموضعها العالمي وضعها في الواجهة.
الصين قبلت المنافسة الاقتصادية التجارية بمعايير وأدوات أمريكا والرأسمالية وعلى أساس «التنافس الشريف» وأمريكا هي من فشلت وانهزمت أمام «التنافس الشريف» فقررت الانتقام من كل شرف ومن كل شريف في هذا العالم، وهذا يختزله ترامب في تصريحاته السوقية الأخيرة وغير الشريفة حين قال إن كل العالم بات يسعي «لتقبيل مؤخرته».
هل مثل هذا يُقال أو يطرح من رئيس دولة عظمى؟ وهل مثل هذا يقبل أو يعقل في هذا العالم؟
هذا هو طرح ومنطق الاستعمار والاستعمال كمنطق استحمار وفي منطقتنا أنظمة أسسها الاستعمار وقابلة لكل أشكال وأنواع الاستعمال، بل وتتلذذ بالاستحمار مادام يبقيها في الحكم، والشاهد ترامب حين أشار إلى نظام بني سعود الذي قال عنه بأنه بقرة حلوب سيستعمل حتى يجف الحليب وحينذاك يمارس ذبحه، وهذه هي أنظمة الاستعمار والاستعمال وحتى الاستحمار وهي تتمنى «تقبيل مؤخرة ترامب»، كما يريد وكما يطلب!
المصدر مطهر الأشموري
زيارة جميع مقالات: مطهر الأشموري