مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
ترامب في الدورة الأولى لحكمه ربما كان أهم قراراته ما عرف بـ«تصفير النفط الإيراني»، أي بمنع إيران من تصدير أي كمية من النفط.
الصين عقدت صفقة استراتيجية لاستيراد أكبر كمية من النفط الإيراني، وإذا كانت أمريكا ترامب ثم بايدن لم تعمل شيئاً تجاه هذا التصدير الإيراني والاستيراد الصيني، بل إن الصين سخرت وتهكمت بأنها لا تعرف عن عقوبات على إيران ولم يبلغها أحد بمثل ذلك، فلماذا يعود ترامب إلى نبرة «التصفير» من جديد؟
قبل أيام عرضت روسيا وساطتها بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي وأي قضايا أخرى، وبالتالي فالذي أراه أن عودة ترامب لنبرة «التصفير» هو للضغط على إيران في الموقف التفاوضي المحتمل، وهو القادم بكل تأكيد.
لقد ظل يُطرح في عهد بايدن أن «إسرائيل» تريد دفع أمريكا لحرب مع إيران، ومنذ عودة ترامب للبيت البيضاوي صعد الخطاب الصهيوني ومن قبل نتنياهو أنه بصدد تغيير «الشرق الأوسط» ليخضع لحكم أو نفوذ هذا الكيان، وما طرحه ترامب عن تهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة الغربية هو متصل بالأطروحات الصهيونية.
وأياً كان مستوى التحسن أو الإيجابية فيما عُرفت بالقمة العربية فهي بدت فاقدة التأثير على موقف أمريكا وموقف الكيان الصهيوني.
وعندما يعمد ترامب أن النظام السعودي قدم لأمريكا أو تبرع لها بمبلغ تريليون دولار فذلك يكفي لنسف العروبة والعرب وليس فقط ما تسمى جامعة عربية أو قمة عربية.
فإذا كان ترامب يجبر النظام السعودي على دفع هذا المبلغ المهول لـ«أمريكا ترامب» فهل بعد هذا ما يتحدث عنه في موقف «جامعة عبرية» وقمة تتماهى مع العبرية بهذا السخاء غير المسبوق والمنقطع النظير؟
إذا لم يكن ترامب بنبرة «التصفير» هو تصعيد الضغوط على إيران مع احتمال تفاوض ومفاوضات، فهل يمكن القول إنه يريد التصعيد إلى حرب مع إيران، والكيان الصهيوني يريد ذلك ويتمناه؟
هذه الحرب إن حدثت -وشخصياً استبعدها- فإنها ستكون حرباً عالمية، وإذا كان ترامب يرى أن ما يسير فيه في الحالة الأوكرانية سيمنع «عولمة» حرب يشنها على إيران فهو مخطئ ويرتكب خطيئة أسوأ وأخطر من الحالة الأوكرانية.
إذا كانت «إسرائيل» فرضت نفوذها على ما يسمى «الشرق الأوسط» وإلغاء الدور الإيراني، فذلك مازال بعيداً السير في تنفيذه ولا نقول استحالة التنفيذ، ولهذا فالسقف «الإسرائيلي» الذي تتمنى إنجاره هو منع إيران من الشراكة والمشاركة في التفاعل مع المقاومة ومحور المقاومة، ومثل هذه القضية قد تكون باتت من أولويات «ترامب» في أي مفاوضات محتملة أو قادمة مع الجانب الإيراني.
الأرجح أن إيران سترفض رفضاً قاطعاً مجرد التفاوض للتخلي عن تموضعها في محور المقاومة، ومن خلال ذلك وبعده قد يفكر في خيار الحرب من عدمه ربطاً بالأوضاع الدولية وموقف أطراف الصراعات الدولية.
«إسرائيل» بيساطه ترى أنه إذا لم تستطع في ظل «ترامب» شن حرب أمريكية أصلاً على إيران فإنه يعنيها تفكيك محور المقاومة على الأقل من خلال ثقل إيران، لأن مثل ذلك إذا لم يتحقق في عهد «ترامب» فإنه لن يأتي ولن يتحقق فيما بعده وأياً من يجيء بعده.
ترامب في جانب آخر يبدو الواثق من نفسه في عزل روسيا عن الصين وعلى أساس أنه سيصل إلى تحييد روسيا في أي حرب مع إيران وحتى مع الصين على مدى أبعد.
حتى بافتراض أن هذا أو هكذا تفكير ترامب والدولة العميقه فالمسألة لازالت بعيدة وروسيا لن تقبل الاستفراد بإيران في حرب أمريكية، فيما الصين حالة أخرى في الأبعاد والقياسات.
إذا كانت أمريكا تريد عبر «ترامب» من خلال ما يعتمل في أوكرانيا منع الوصول إلى حرب عالمية تكون فيه طرفاً، فأسباب وعوامل حدوث حرب عالمية هي أكثر وأخطر في الحرب على إيران.
وبمقياس ما جرى في البحرين الأحمر والعربي «يمنياً» لنا قياس قدرات إيران وما تستطيع إلحاقه من أضرار لا تطاق بمصالح أمريكا الحيوية بالمنطقة.
ولذلك يبدو غريباً وفاقداً للمنطق وللواقع أن تطرح أمريكا وترامبها تفكير ملاحقة وتفتيش السفن في البحار ربطاً بإيران.
هذا يرجح أن كل ما يجري «إسرائيلياً» وأمريكياً تجاه المنطقة وربطاً بإيران هو تكثيف لحملات سياسية إعلامية في سياق تفعيل ضغوط قصوى أو دنيا وبأي مسمى، وسيناريو التفعيل الحقيقي أمريكياً و«إسرائيلياً» هو في مثلث غزة والضفة ولبنان وسوريا، وتشديد الضغوط على إيران الهدف منه منعها من إسناد المقاومة في هذا المثلث وحسب.
ترامب الذي كان قرر تهجير سكان غزة مثلاً بات يرتكز على الإفراج عن الأسرى «الإسرائيليين»، وذلك معروف، ويطالب قيادات حماس كذلك بالرحيل من غزة وهو يعرف ما طرحه محلل «إسرائيلي» كبير بأن حماس هي غزة كما غزة هي حماس، ومع ذلك دعونا نتابع فيلماً هيولوودياً أبطاله الثنائي «ترامب -نتنياهو»!

أترك تعليقاً

التعليقات