مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
العدوان السعودي الأمريكي جاء من قناعة أن ما يسمى «جيش الشرعية» قادر على الانتصار واجتياح صنعاء، ويحتاج فقط إلى تفعيل الطيران الحربي السعودي الأمريكي، أو الأمريكي السعودي (سيان).
عندما كان ذلك المراسل الأبله يقول من غرفة في استوديو «العربية» و»الحدث»: «نحن هنا، أين أنتم؟!»، كان يقدم هذه القناعة التي جاء منها العدوان.
عندما كان ذلك المراسل الأبله يقول من غرفة في استوديو «العربية» و«الحدث»: «نحن هنا، أين أنتم؟!»، كان يقدم هذه القناعة التي جاء منها العدوان.
ما سمي «جيش الشرعية» ومعه التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها «القاعدة»، أوكل إليهم الدور المكمل للقصف الجوي والبري والبحري.
وتذكروا في هذا السياق تصريحات «العسيري» بأن «محاربة الإرهاب» و«القاعدة» ليست هدفاً، وقد تكون بعد انتهاء الحرب. وذلك يؤكد ما عُرف في الميدان باستخدام الإرهاب مكوناً أساسياً لما عُرف بـ«الشرعية» أو «جيش الشرعية».
أمريكا في الترتيبات أرادت محاربة اليمن بالسعودية، والنظام السعودي أدار العدوان على اليمن بأمريكا والإرهاب كثقل في جيش ما تسمى «شرعية»، وكان المستبعد تماماً ونهائياً أن ينتصر اليمن بالسقف الذي أوصل إلى هدنة أو تهدئة.
تلويح أمريكا بالحرب الاقتصادية في حوار الكويت كان يعني انخفاض ثقتها بالحسم العسكري، فيما القرار الملعوب الملعون (2216) تم تبنيه للحسم بالخيار العسكري، لأنه بدون ذلك محال تنفيذه أو تطبيقه.
بعد حوارات الكويت مُورس تشديد الحصار وإغلاق الموانئ والمطارات كما لم يحدث في أي حرب ومع أي شعب، وفي ظل الصمود الشعبي فكل ذلك كان فاقد الجدوى، حتى التوقيع على اتفاق هدنة قابلة للتجديد، وكان يمارس تجديد دون جديد في الواقع أو للواقع.
جاء العدوان على غزة وتفعيل الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ونحن في المراوحة في هدنة لا يُعرف ماذا يُراد منها، وفي تفاوضات مطاطية للمفاوضات كضحك على الذقون، ليسير اليمن في موقف إسناد غزة كأولوية، وذلك ما دفع أمريكا وبريطانيا لعدوان على اليمن مبني على قناعة حتمية الحسم بأرضية أو قناعة العدوان ذاتها لتسع سنوات.
ومرة أخرى جاء هذا العدوان بهزائم مذلة لأمريكا وبريطانيا جعلتهما موضع سخرية العالم.
ومرة أخرى تجد أمريكا نفسها مجبرة على العودة إلى الحرب الاقتصادية، فأمرت عبدها وعميلها النظام السعودي أن يأمر عملاءه ومرتزقته بتنفيذ هذه الحرب بقرارات إغلاق البنوك أو نقل مقراتها من صنعاء وإغلاق مطار صنعاء وإغلاق طيران اليمنية في عاصمة اليمن.
أمريكا لا يهمها تفعيل حرب جديدة مع النظام السعودي، والنظام السعودي ربما فكر أن يكون سقف الحرب «يمنياً ـ يمنياً»، وفي ذلك غباء سياسي لا يمر على فهم أو عقل.
لو كان بمقدورنا الوصول إلى أمريكا لذهبنا إلى محاربتها؛ لأنها العدو الأول. أما بعدها فسنواجه ونحارب النظام السعودي باعتباره الأقرب وهو العدو الثاني بعد أمريكا. أما ما تسمى «شرعية» فهي مجرد أداة تنفيذية لا تستحق أن نحاربها، وباتت لا تستحق أن تكون أولوية لحرب، فهي مجاميع مرتزقة وإرهابيين سيحسم أمرها بعد انتهاء الحرب، ولن تكون إلا مع النظام السعودي باعتباره العدو التاريخي لليمن بإجماع كل الأحزاب السياسية، باستثناء «الإخوان» من طبيعة شراكتهم مع النظام السعودي ومع أمريكا في الإرهاب منذ ما عُرف بـ«الجهاد الأفغاني» وقبل ذلك.
لسنا هواة حروب ولا دعاة لحروب؛ لكن عندما يمارس التهديد الوجودي للشعب اليمني بالتجويع فماذا أبقى أعداء هذا الشعب من خيارات غير الحرب لهذا الشعب؟!
في الأخير، الموت بشرف هو أفضلية من موت المهانة والإذلال، وبالتالي فالحروب والعدوان هي خيارات أعداء اليمن وليست خياراً للشعب اليمني، الذي لا يمارس أكثر مما يعرفه العالم من حق الدفاع عن النفس والدفاع عن الوجود.
النظام السعودي وصل في العمالة إلى اشتراط مع الكيان الصهيوني، فيما أمريكا في سياق التطورات تشترط التخلي عن فلسطين القضية والشعب، وأن يتمتع بترفيه السعودية وتتفرج على الشعب الفلسطيني يباد كما الهنود الحمر، فأي تطبيع قبل وبعد الإبادة؟! وكيف نقبل أن نكون شركاء في إبادة شعب بدلاً من شراكة رفض الإبادة؟!
إما أنهم شركاء في التطبيع وإبادة الشعب الفلسطيني، وإما أنهم سيمارسون الإبادة للشعب اليمني مع شقيقه الفلسطيني، وإذا تطلب الأمر سيقدمون الشعب اليمني إلى أولوية الإبادة.
في تسع سنوات لم نستعمل البحر الأحمر وباب المندب ضد دول العدوان، والنظام السعودي على رأسها، وذهبنا لذلك لمنع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، فيما هم وحين فشل عدوانهم الأول ثم الثاني ذهب تفكيرهم تلقائياً إلى خيار إبادة الشعب اليمني.
لقد كنت ومازلت رافضاً لما عُرف بـ»الهدنة» وتجديدها، لأنها فقط مؤامرة أمريكية بريطانية سعودية تلحق بها الإمارات فيما عرفت لجنة الرباعية.
ومع أني أكتب هذه السطور قبل أي جديد في المواقف، إلا أني أرفض مجدداً التهدئات والهدنات وأرباع أو أنصاف الحلول؛ لأن الحل الحقيقي يبدأ وينتهي عند قبول النظام السعودي بحق اليمن في كامل السيادة والاستقلال. ولعلي أقول للقيادة الثورية والسياسية بأني لم أحب في الحياة غير السيادة والاستقلال، ولا أخاف الموت البتة؛ ولكني أخاف أن يخرج من بيننا ومن داخلنا من يفرط أو يبيع السيادة والاستقلال بإغراء المال السعودي ثم يجد تخريجات تقدم لنا هذا التفريط على أنه الوطنية وأنه السيادة والاستقلالية، وهناك من يطرح أن التطبيع مع الشعب الفلسطيني والتطبيع مع الكيان الصهيوني هو السيادة وهو الاستقلال!!

أترك تعليقاً

التعليقات