«الشرق الأوسط الجديد».. مجرد وهم!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
بعد العرض العسكري الصيني قال الرئيس الأمريكي «ترامب» إن مثلث الصين وروسيا وكوريا الشمالية يتآمرون على أمريكا.
رد الصين هو أن هذا التصريح الترامبي يمثل حالة إسقاط نفسي واضحة، لأن المؤامرات والتآمرات هي السلوك المعروف المتوارث للاستعمار الغربي، وأهم ما ورثه الاستعمار الغربي لأمريكا كزعيم للاستعمار هو المؤامرات والتآمرات، حتى إن أمريكا باتت الفريدة والمتفردة في هذا الجانب، ولا أحد ينافسها أو حتى يفكر في منافساتها.
وخلاصة رد الصين هو أن الصين لا تتآمر مع أحد ولا تتآمر على أحد، ولكن الصين باتت فقط «تتحدى».
كأن الصين تقول لأمريكا إذا أنتم أهل للتحدي فنحن على استعداد. أما لعبة المؤامرات فهي فرادة وتفرد أمريكي فاق كل مؤامرات الاستعمار والاستعماريين في التاريخ البشري.
حين اضطرت روسيا لمواجهة حرب الغرب الاستعماري القديم والجديد وبزعامة أمريكا فهي بذلك مارست «التحدي» كموقف عملي، وكونها أفشلت نجاح هذا الغرب في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا فهي وضعت في مشارف النصر على الغرب بقيادة أمريكا.
الصين بدورها أطلقت موقف «التحدي» لأمريكا في ردها على ترامب، وبيت القصيد بالطبع «تايوان»، ويؤكد هذا ترامب ذاته في تصريح يقول فيه إنه تلقى وعداً من الصين بأنها لن تغزو تايوان في ظل دورته الرئاسية، كأن كل ما يتمناه هو ألا تغزو الصين تايوان في ظل دورته الرئاسية، والصين ليست من هددت أو تهدد، ولكنها اختصرت واختزلت الموقف في التحدي لأمريكا، وبالتالي هذا يعني أن أمريكا هي التي يجب أن تواجه التحدي بغزو الصين وليس فقط «تایوان».
الاستخلاص من كل هذا هو أن أمريكا فاشلة في حرب أوكرانيا وهي عاجزة عن مواجهة الصين في تايوان أو غير تايوان، ولم تعد تستطيع الحفاظ على وضع أو تموضع قوة «عظمى» إلا بالبحث عن انتصار تراه ممكناً في منطقة أخرى، ولم تجد غير مشاريع ربيبتها «إسرائيل» فأصبح عنوانا «الشرق الأوسط الجديد» و«إسرائيل الكبرى» هما ما تبقى لأمريكا من عناوين وعيون.
أوروبا أو الاتحاد الأوروبي وما تُسمى «الترويكا الأوروبية» تريد حرباً عالمية وتحاول جرّ أمريكا إليها بالتأجيج في أوكرانيا أو بمشاركة أمريكا في التصعيد ضد إيران ربطاً ببرنامجها النووي، وهذا يتوافق مع عنواني «شرق أوسط جديد» و»إسرائيل كبرى».
وهنا يمكن القول بقدر مرتفع من الثقة إنه إذا لم يكن الاصطدام للصراع العالمي في أوكرانيا أو تايوان فسيكون في «الشرق الأوسط» ومحوريته «إيران»، وأياً كان ما جرى ويجري في بلدان أخرى، ولذلك فجنون ومجون التصريحات الترامبية باتت تركز وترتكز على ما يُسمى «الشرق الأوسط الجديد».
خلال الزيارة الأخيرة لترامب إلى بريطانيا خرجت مظاهرات عارمة ضد زيارته في لندن ومدن بريطانية أخرى، ولأن المظاهرات ربطت بغزة والإبادة الجماعية فإنه لم يجد ما يقوله لمضيفيه رداً على المظاهرات إلا أن أمريكا ستسيطر على منطقة «الشرق الأوسط» وبالقوة.
هكذا باتت أمريكا تتمحور وتتقوقع حول «الشرق الأوسط» وهي في اضطرار لاستعمال «شرق أوسط جديد» و«إسرائيل كبرى».
ولعل الضغط الأمريكي الأوروبي واستعمال ما تُسمى «الترويكا» ومحاولة إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران هو إما لإخضاع إيران للشروط الأمريكية -الأوروبية -»الإسرائيلية» أو لشن حرب عليها، ويراد انتزاع ذرائع في شكل تبريرات قانونية لتبرير الحرب كما استعمال مبرر أسلحة الدمار الشامل لغزو العراق.
الحرب على إيران وإسقاط أو تغيير النظام والمجيء بنسخة أنظمة عربية في العمالة لأمريكا وحتى لـ«إسرائيل» ترفضه ولا تقبل به أطراف الصراع المناوئة لأمريكا وإن كانت في أي مستوى من المباشرة كما تمارس أمريكا والغرب انحيازا أو تعصباً بل وتطرفاً مع «إسرائيل».
وعندما يقول ترامب بأن أمريكا ستسيطر على «الشرق الأوسط» بالقوة فتلك هي الحرب العالمية التي لو كان يريدها لواجه التحدي الروسي أو الصيني أولاً وقبل ذلك.
اصطدام أو تصادم الصراعات العالمية قد يحدث في إيران، ولكنه سيفضي إلى تفاوض وترتيبات جديدة لا وجود فيه لما يُسمى «شرق أوسط جديد» أو «إسرائيل كبرى».. والزمن بيننا!!

أترك تعليقاً

التعليقات