مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
ما يجري حول أوكرانيا هو خيار وقرار أمريكي لم يكن يستطاع تنفيذه في ظل إدارة بايدن التي أشعلت هذه الحرب فجيء بـ«ترامب» لينفذ هذا الخيار والقرار الأمريكي وليقدم على أنه بمثابة تنازلات قدمت لروسيا ولتطالب روسيا بثمن مقابل هذه التنازلات.
المسألة وبوضوح هي أن الحرب في أوكرانيا باتت توصل أمريكا إلى خيارين كلاهما مر.. إما أن تقبل أمريكا بهزيمة استراتيجية في أوكرانيا كما حدث مع السوفيت في أفغانستان وإما تسير أمريكا إلى حرب عالمية ثالثة وتكون أمريكا طرفاً أساسياً في هذه الحرب.
مشكلة أمريكا إذا باتت في كونها لا تقبل بهزيمتها استراتيجياً في أوكرانيا وفي ذاتها، فأمريكا هي أكثر من يخاف حرباً عالمية جديدة وتكون أمريكا فيها طرفاً أساسياً، فيما لم نعد بوضع الحرب العالمية الثانية.
واقعياً لم يكن أمام أمريكا غير هذا الخيار والقرار لتسير فيه و«ترامب» هو خط الرجعة وأداة التراجع لأمريكا فقط.
أمريكا هكذا تتعامل وهي لذلك تحمل المسؤولية في حرب أوكرانيا أداتها الأولى «زيلنسكي» ومن ثم أوروبا وليس أمريكا ولا حتى الرئيس السابق «بايدن».
واللعبة الجديدة بأداة «ترامب» هي المقابلة لاستعمالها كتنازلات ومطالبة روسيا بالثمن.
روسيا وحتى الصين ليس من مصلحتهما التعامل على أساس هذه الخلفية الحقائقية ولكنهما يتعاملان مع أمريكا من أرضية هذه الحقائق ومن أرضية هذا الفهم، فروسيا والصين هما آخر من يقتنع بأن أمريكا تقدم تنازلات ولا يقبلان طريقة ترامب في مسألة الصفقات والتنازلات والأثمان.
ترامب على فهمه هو سار إلى تطرف في التهديد لإيران بل وأكد الحرب القريبة ضد إيران، ولاحظوا أن روسيا التي كانت عرضت وساطتها بين أمريكا وإيران حول برنامج إيران النووي سارت بتلقائية إلى جانب الصين في أكبر مناورة بحرية.
هذه المناورة أوصلت لأمريكا «ترامب» أن روسيا والصين لن يتركا إيران بمفردها في حال شنت أمريكا حرباً عليها لأنها حليف استراتيجي لروسيا والصين.
توقفوا بعد كل هذا عند نقطتين اثنتين:
الأولى: أن ترامب رد على المناورة البحرية بأن أمريكا هي أقوى من الجميع وهذا مجرد كلام نظري لا علاقة له بالميدان وتطورات الواقع.
الثانية: الإعلان عن لقاء صيني -روسي -إيراني سيخصص لمناقشة النووي الإيراني.
هذا يعني أن روسيا والصين هما إلى جانب إيران كشركاء في المفاوضات وأنهما لن يتركا إيران لضغوط إملاءات أمريكية في مفاوضات النووي أو غيرها.
يؤكد هذه التطورات الصراعية العالمية ربطاً بإيران تصعيد اللهجة إيرانياً إلى درجة التهديد، فقائد الثورة «خامنئي» يقول لترامب افعل ما بدا لك، فإيران قادرة على الرد وستفعل ولن تقبل على الإطلاق مفاوضات الضغوط والإملاءات الأمريكية.
منطق روسيا والصين هو أن ما تم تمريره في سوريا يستحيل أن يكون ويتكرر مع حليفنا الاستراتيجي «إيران».
هذا الموقف يؤكد أن روسيا ومعها الصين يعرفان أن ما يجري حول أوكرانيا هو اضطرار أمريكي ولا يمكن أن يحسب أنه تنازلات أمريكية، وترامب واهم ويحلم إن ظل تفكيره في هذه الدائرة الانتهازية الابتزازية التي لم يعد يستطيع فرضها إلا مع سقف أنظمة كما النظامين الأوكراني والسعودي.
لو أن أمريكا لازالت الأقوى كما يزعم ترامب ما كانت أمريكا تحتاج لعودته أو إعادته للبيت الأبيض أصلاً وهو من حرض وارتكب أسوأ جريمة في تاريخ أمريكا باقتحام مجلس النواب والكونجرس.
و لهذا فروسيا والصين اكتفتا بالرد على تصريحاته عملياً وميدانياً بدون حاجة للهرجلة الترامبية، والتصريحات السياسة الإعلامية.
مادامت أمريكا لا تريد القبول بهزيمة استراتيجية في أوكرانيا أو حتى تايوان، ومادامت أمريكا لا تريد حرباً عالمية تكون طرفاً أساسيا فيها فإنه بات عليها أن تسلّم بعالم متعدد الأقطاب وأن تتعامل مع العالم على هذا الأساس.
الأنظمة العربيه المؤمركة المتصهينة من فوق أو من تحت الطاولة لم تعد قياساً ولا مقياساً لأمريكا في التعامل مع العالم، وما يقدمه الإعلام المتأمرك المتصهين في المنطقة ربطاً بذات الأنظمة ربما لازال لديه سقف للشوشرة والتضليل والذين يعيشون في محتوى هذا الإعلام الخياني وينظرون للعالم ومتغيراته من منظوره الضال والمضل إنما يمارسون العزلة والانعزال دون وعي، وهؤلاء هم ضحايا بما يشبه ضحايا حرب أفغانستان التي تم أسلمتها أمريكياً، فيما لا علاقة لها بالإسلام إلا حاجية الاستعمال الأمريكي والضحايا الجدد من العوام وحسني النية هم ضحايا ولحاجية استعمال أمريكي كذلك!

أترك تعليقاً

التعليقات