مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
أنا مؤمن كل الإيمان بأن الإمام الخميني كرجل فكر يستحيل أن يكون عميلاً لأي طرف غربي، وبالتالي فإنه حين يستضاف في فرنسا وتجيء ثورته منها فهي استضافة بلا شروط أو اتفاقات سرية ونحو ذلك.
بالمقابل، فأمريكا وكل الغرب ودول الخليج دعموا صدام حسين في الحرب ضد إيران كرد فعل على انتصار الثورة الإسلامية في إيران وهي حالة أوضح، ومع ذلك فصدام حسين لم يكن عميلاً وتأملوا في النهاية.
إذا كانت روسيا أو فرنسا أو أي دولة تقبل استضافة الخميني بدون تقييد أو اشتراطات فالخميني سيقبل لينتصر لفكره أو ثورته.
وإذا كانت أمريكا والغرب وربطاً بهم الخلاوجة سيسيرون في دعم العراق أو صدام حسين في الحرب ضد إيران فإن قبوله للدعم لا يعني قبول العمالة، وهكذا فالمشاريع فوق «الوعي» لا تحتاج مقايضة ولا شروط عمالة، بل إن الأفضل لنجاحها أو إنجاحها أن تكون كذلك.
أمريكا تريد عدواً للعرب يكون بديلاً لـ«إسرائيل»، وصدام حسين دفع للحرب مع إيران خوفاً من الشعار الذي روجت له أمريكا «تصدير الثورة»، ولذلك فإننا عند التجرد الكامل نتوقف عند استضافة فرنسا للإمام الخميني -رحمه الله- ربطاً بأمريكا وهي زعيمة الغرب ولا بد أن نتوقف عند حقائق الدعم الأمريكي الغربي الخليجي لصدام حسين في حربه مع إيران.
والاستنتاج الأوضح الآن هو أنه لم تكن مطلوبة ما تسمى «العمالة»، وأن العراق سيدفع إلى الحرب ضد إيران ربطاً بنجاح الثورة الإيرانية وأدوار العمالة ستلعبها فرنسا في تنفيذ الاستضافة لإنجاح الثورة الخمينية كما ستلعبها الأطراف الخليجية بقيادة النظام السعودي، ويكفي أن هذه الحرب قدمت شاعرة احترافية متمكنة لم تعرف قبل الحرب وانتهى إبداعها بانتهاء الحرب.
الهدف الذي أُريد تحقيقه هو أن تصبح إيران العدو البديل لـ«إسرائيل» وسارت أمريكا والغرب والخلاوجة في تأجيجه وتكريسه.
أول اتفاق «كامب ديفيد» هو نقل ثقل العرب من الثورة إلى «الثروة» وهذا تلقائياً جعل ثقل الثروة لأن تكون المؤثر الأهم على العرب وفي تلقائية التبعية والانصياع لأمريكا والغرب من قبل معظم الأنظمة.
ولأن كل هذه ألعاب ومشاريع أمريكية -»إسرائيلية» فقد اتضح أن الخطر ليس في تصدير ثورة إيرانية، وأن صدام حسين ليس الخطر على المنطقة كما ظل يطرح وأن الاستعمار الغربي القديم والجديد ورأس حربته «إسرائيل» هو الخطر الدائم والقائم والقادم على المنطقة وذلك ما يتجلى في المشهد القائم.
عندما نسترجع طرح الرئيس المصري «السادات» بأن أمريكا تمتلك 99٪ من أوراق المنطقة، ومن ثم طرح خلفه مبارك «دي أمريكا» فذلك يؤكد أن المشروع الأمريكي ربطاً بـ«إسرائيل» احتوى معظم الأنظمة العربية، فهذا المشروع أضاف للأنظمة العميلة المعروفة تاريخياً أنظمة مستسلمة ومرتهنة، ولم يعد الفرق بينها وبين العميلة ما يؤثر على واقع أو يغير في الأمر الواقع.
الطريف في ظل الانفراد الأمريكي بالمنطقة بعد تفتت السوفيت أن أمريكا لم تعد تشترط مجرد التطبيع مع الكيان الصهيوني، بل تشترط العداء لإيران، وعندما يصبح العداء لإيران هو شرطاً «إسرائيلياً» في التطبيع فعن أي فلسطين وعن أي قضية فلسطينية نتحدث..؟
ما عُرفت بحرب الخليج الأولى ثم الثانية وسلسلة الحروب قبل وبعد 2011م هي حروب لخدمة المصالح والمشاريع الأمريكية -«الإسرائيلية».
متراكم عمالة أنظمة تاريخياً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية أضيف متراكم من ارتهان وانصياع أنظمة حتى فرض عليها الأمر الواقع الأمريكي مستوى عمالة كأمر واقع أو حاجية واقعياً غير ما أسس واقعياً وتاريخياً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ولهذا فالجرم أصبح في رفض التطبيع مع «إسرائيل» ورفض العداء لإيران ومن لا يفعل ذلك فهو تابع لمشروع إيراني لا وجود له أو تحت وصاية إيرانية وهذا هو الإجرام وهو الإرهاب، فهل من إجرام وإرهاب وإبادة جماعية أكثر مما شهدناه ونشاهده في غزة؟
يضحكني في هذا السياق أن مرتزقة السعودية والإمارات وربطاً «الأمركة والصهينة» كانوا أفرطوا بل وتطرفوا في توصيف الشعب اليمني «مجوسا»، ولكن الاتفاق السعودي -الإيراني الذي نجحت الصين في الوصول إليه مثل عفواً للشعب اليمني من توصيف «المجوسية» وأصبحنا أمام ثنائية نسمع عنها ولا نعرفها أو نحس بها هي «وصاية ومشروع إيرانيان».
هناك مشروع أمريكي صهيوني لإبادة الشعب الفلسطيني وتصفية وإنهاء القضية الفلسطينية يقابله مشروع فلسطيني مقاوم ويناضل لاستعادة حقوقه الشرعية والمشروعة.
الذين هم مع المشروع الأمريكي -الصهيوني مازالوا في مستوى تحرج أو سقف خشية من قول وإعلان ذلك جهاراً نهاراً، وأمريكا والصهيونية أوجدا البديل التلقائي فينهقون كالحمير بـ«مشروع ووصاية إيرانية»، وهؤلاء مجرد ببغاوات في ما تردد وكالحمير حين لا تجد غير صوت يرتفع، ويحدث ضجيجاً قد يسمع لكنه لا يفهم ولن يصدق!

أترك تعليقاً

التعليقات