الدور العُماني بوابة لـ آخرين
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
مشاكل اليمن لا يمكن ولا يستحيل أن تحل إلا إذا انتزع اليمن حقه الكامل في السيادة والاستقلال.
وعندما يقوم النظام السعودي، بعد عدوانه قرابة العقد وبعد أبشع جرائم الحروب لا تكافئها إلا جرائم الإبادة الصهيونية في غزة، عندما يقوم بعد كل ذلك بحرب تجويع الشعب اليمني ثم يريد إحالتنا للتفاوض مع عبيده ومرتزقته تحت عنوان "مفاوضات اقتصادية"، فكل هذا الجديد والمتجدد أكد أن مشكلة اليمن هي في فقدانه السيادة والاستقلالية منذ ما عُرف باتفاق حرض، ولذلك تم تصفية الرئيس "الحمدي"، لأنه كان يحمل مشروع السيادة والاستقلال.
حق السيادة والاستقلالية لا يحل بتفاوضات ولا ينتزع إلا بالقوة، ولهذا فنحن نحتاج لحرب مع النظام السعودي حتى يترك اليمن وشأنه ويسلم بحقه في السيادة والاستقلال.
بالمناسبة، هذا ما كان يُتداول حتى في عهود الأنظمة السابقة، وظل الاستنتاج أن هذا خيار مستقبلي غير قادرة أو مؤهلة لخوض هذه الحرب.
ومع ذلك فإننا أجبرنا على خوض الحرب لمواجهة عدوان هذا النظام من أصعب وبأقل الإمكانات، وكان المفترض -من وجهة نظري- أن نواصل الحرب ولا نقبل بهذه الهدنات التي سيسجل التاريخ أنها كانت الخطأ والخطيئة وما لم يتم تداركها بمعالجات واضحة وحاسمة فستصبح هي الخط المكارثي والخطأ والخطيئة التي ستوصل إلى أسوأ الكوارث.
هذا ما قلته وطرحته حين قبول الهدنة وحين تجديدها. ولكن الحنكة والحكمة والصبر والنفس الطويل اقتضت ذلك كما قيل، ومن لم يقتنع بذلك -مثل شخصي- فليس بمقدوره عمل أي شيء.
وها نحن، وفي ظل قرار للنظام السعودي بإبادة الشعب اليمني بالجوع، نعود للأسطوانة نفسها ونراهن على الوساطة العُمانية وكأننا في ارتهان لها.
وحقيقة فإني أكثر من يقدر الدولة السياسية العُمانية في تميزها بصدق المشاعر والإحساس تجاه اليمن وشعبه، ولكن يستحيل عليها أن تغير أهم ثوابت النظام السعودي، وهو العداء لليمن وإبقاؤه في أدنى ضعف "يموت بالحياة إن ظل حياً".
مجرد أن تعود القيادة الثورية السياسية للدور والوسيط والمفاوض العُماني فذلك يعني أنه أريد استعمال التهديد بمواجهة خطوات التجويع بخطوات عملية من طرفنا استعملت كورقة ضغط.
لقد جربنا الدور والوسيط العُماني، وهو اصطدم بثابت العداء والعدوانية من جانب النظام السعودي. والخروج الشعبي غير المسبوق وفي كل الساحات والمديريات لم يفوض فقط القيادة الثورية السياسية، بل طالب بوضوح بخطوات وإجراءات عملية.
لا أريد القول بأننا رجعنا إلى مستوى التدخل في ظل أنظمة سابقة بأن اليمن ليس مؤهلاً، وأن هذه الحرب خيار مستقبلي، فنحن قد أجبرنا على خوض هذه الحرب وانتصرنا وكنا نحتاج مواصلتها لإكمال الانتصار بدلاً من هذه الهدنة السامجة الساذجة التي ضحك بها ويضحك بها علينا.
كان يعترف أن يعرف الوسيط العُماني وكذلك روسيا والصين وأياً كان من خلال ترجمة الموقف الشعبي إلى خطوات فاعلة وفعلية في الميدان وليكن ما يكون، فلن يكون أكثر وأنكى مما كان.
نحن لسنا دعاة حروب ولا نحمل عداء ولا حتى ضغينة مع كل ما مورس تجاه الشعب اليمني من وحشية في الإجرام والتدمير.
فنحن نطلب فقط حق اليمن في كامل السيادة والاستقلال، وبالتالي فنحن نمارس فقط حق الدفاع عن النفس وحق الدفاع عن الوجود.
المشكلة لم تعد فقط في أمريكا والغرب الاستعماري؛ ولكن روسيا والصين مصالحهما الأكبر والأهم هي مع النظام السعودي وحتى النظام الإيراني، فالمصلحة الأهم باتت في تطبيع علاقته مع النظام، ولذلك ففضائية "الميادين" وفضائية "العالم" قاطعتا الخروج الشعبي اليمني الأكبر في تاريخ اليمن، لأنه مارس المباشرة والوضوح في فضح عمالة النظام السعودي، وأنه "إسرائيل" الموازية وصاحب أهم أدوار التآمر ضد العروبة والإسلام.
إيران لا يمكن أن تضحي بعلاقتها التي عادت مع النظام السعودي بفضل الصين، فقاطعت الموقف الشعبي اليمني واختارت النأي بنفسها بهذه الطريقة.
مشكلتنا في انتزاع السيادة والاستقلالية لا تحلها الصين ولا روسيا ولا إيران، وإنما تنتزع انتزاعاً، والشعب اليمني قادر على ذلك فوق أي فوارق للقدرات والإمكانات.
العودة للدور العماني سيطورها النظام السعودي بأدوار الآخرين، كما الصين وروسيا وحتى إيران، وذلك سيوفر وقتاً له لتفعيل الحرب الأشرس، وهي حرب التجويع، وسنظل بذلك نراوح في هدناتهم التي هي في حد ذاتها الحرب الأشد، حتى بدون خطوات التجويع والتركيع الأخيرة من قبل النظام السعودي.
الشعب يريد الموت الشريف وهو يدافع عن حقه في السيادة والاستقلالية، بدلاً من إفنائه بحروب الهدنات والمفاوضات والجوع والتجويع ومرور المزيد من الأيام، والمزيد من الوقت بات يدفع الشعب لحالة إحباط أو تخبط، وذلك هو الهم وهو الأهم للقيادة الثورية السياسية من الدور العماني ومن أي جهود لروسيا أو الصين أو غيرهما.
ولا أحتاج لاسترسال أكثر، وأكتفي بالقول: "اللهم إني بلغت"!

أترك تعليقاً

التعليقات