هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
في نقاش قديم مع أحد الأصدقاء، قلت له إن الفراغ العربي ستملؤه إيران وتركيا، وأن كيانات الخليج قد تبحث في ظل تبدل المشهد الدولي عن ضمانات لاستمرارها بحجمها الحالي، يحدث ذلك مع محاولتها تنويع شراكاتها مع الصين وروسيا. في هذا الإطار يبدو تبريد الأجواء بين إيران وكيانات الخليج متسقا مع السياسة الروسية والصينية في المنطقة.
روسيا تحتاج الخليج على صعيد خارطة إنتاج النفط وتوزيعه في العالم، والصين تحتاجه كسوق استثمارية وتجارية ضخمة. لذلك يظهر النزاع الجيوسياسي الإيراني الخليجي في غير ساحة من ساحات الإقليم متعبا ومكلفا ودون جدوى. برسم الخطوط الحمر المحددة لموازين القوى بين الأطراف في اليمن ولبنان والعراق ورسم حدود الاشتباك، تبدو الهدنة الناتجة عن جولات الحوار المتواصلة جيدة رغم هشاشتها.
معركة إيران الرئيسية هي مع الولايات المتحدة، ومع “إسرائيل” كأداة مباشرة وكذراع أمريكية إقليمية. معنى هذه المعركة يصب في المعركة التي تخوضها روسيا مع أمريكا بواسطة أوكرانيا، أو “إسرائيل” شرق أوروبا إذا صح القول، والمعركة التي تحاول الولايات المتحدة جر الصين إليها بواسطة “إسرائيل” أخرى في بحر الصين هي تايوان.
الحرب على روسيا أشعلت أسعار النفط والغاز والسلع الغذائية، وأي تحرك “إسرائيلي” محتمل ضد إيران سيحلق بأسعار هذه السلع إلى مستويات خيالية في ظل وحش التضخم الذي يضع العالم على شفا كارثة كبرى. لذلك يدرك ساسة إيران أن التهديدات “الإسرائيلية” هي غير ذات أهمية وذات معنى، هي تهديدات بلهاء حرفيا. ما يحصل يشير إلى تعطل إضافي في وظائف “إسرائيل” و”إسرائيليات” كثيرة أخرى في العالم، وهو ما يطرح تساؤلات وجودية حول مصير هذه الكيانات التي نشأت واستمرت ككيانات وظيفية في خدمة الهيمنة الغربية على العالم في ظل بداية تداعي وتآكل هذه الهيمنة.

 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات