نسخة مكررة!
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
عشية العام 75، كانت مصر قد اتجهت صوب السلام مع الكيان  المؤقت (الصهيوني)، ووضع الأمريكي استراتيجية «السلام» في المنطقة. طبعاً أكثر كيان حساس لمثل هكذا تحولات في المنطقة هو الكيان اللبناني.
طوائف «مسلمة» تسعى للاستفادة من الوجود الفلسطيني لإزالة الغبن اللاحق بها جراء استئثار الموارنة بالامتيازات والريوع. الموارنة بدورهم أرادوا الحفاظ على امتيازاتهم. تقاطع ذلك مع مسعى أمريكي لتصفية منظمة التحرير، وجر المنطقة ومعها لبنان لـ»السلام» وإنهاء القضية الفلسطينية، في ظل أوضاع دولية شبيهة بأوضاع اليوم، هي بيئة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والاشتراكي، وفي ظل ممانعة سورية (وإيرانية لاحقاً) لتحقيق المشروع الأمريكي في لبنان. اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية واستمرت 15 عاما، إلى حين نضجت الظروف الدولية والإقليمية لتظليل لبنان باستقرار مرحلي. كلفة الحرب تقدر بمائتي ألف قتيل وآلاف المفقودين وهجرات جماعية وانهيار كبير في سعر الصرف وشبه تقسيم للجغرافيا اللبنانية... إلخ.
ما يحصل اليوم هو نسخة مما حصل بالأمس تقريباً؛ صراع دولي كبير، صراع إقليمي، استراتيجية أمريكية للمنطقة قائمة على «صفقة القرن» و»السلام الإبراهيمي». والأحداث تتشابه من حيث التأزم المالي والاقتصادي والهجرة وانهيار سعر الصرف. وما ينقص هو روائح الدم والبارود، والتي يمنع انتشارها حتى اليوم ليس شهامة الغرب ولا حرصه على دمنا الرخيص بالنسبة له. ما يمنعه هو واقعيته السياسية وتقديره لقوة الخصم، الذي بات يمتلك -بحسب تصريح أمينه العام- حوالى 110 آلاف مقاتل. لولا هذا المانع، لكانت المتاريس قد شيدت منذ سنوات ثلاث، ولكانت رائحة الأشلاء والدماء تزكم الأنوف.
حتى اليوم، وفي ظل «داعش» المالية والاقتصادية التي يطلقها الغرب صوبنا، ثمة من يفضل حدوث الانهيار سلمياً على أن يحدث بالتوازي مع سفك دماء اللبنانيين.
لا شيء سيتغير في المدى القريب، والانتظار سيبقى سيد الموقف.

كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات