لا ميديا -
"جلبوه مع جريح آخر، وكان الدم يغطيهما. الجريح الأول كان شبه ميت، ودمه متجمد على جسده اليابس. لا أعلم من كشف عليه وأعلن وفاته. نقل إلى براد المستشفى تمهيداً لدفنه، ثم اكتشفوا أنه حيّ، فنقل على عجل إلى غرفة العناية الفائقة، وهناك اكتشفنا أنه كان شاعراً. الصحف التي صدرت في بيروت أثناء الحصار، نشرت عنه المراثي الطويلة، وعندما استيقظ الشاعر من موته، وقرأ المراثي، شعر بسعادة لا توصف. كان وضعه الصحي ميئوساً منه، فقد أصيب عموده الفقري وتمزقت رئته اليسرى، لكنه عاش يومين، وهو ما كان كافياً ليقرأ كل ما كتب عنه. قال إنه سعيد، فلقد عرف اليوم معنى الحياة، والحب المصنوع من الكلمات. كان علي - وهذا هو اسمه- الميت السعيد الوحيد الذي رأيت في حياتي... عاش في سريره، وسط أكوام المراثي، يومين جميلين. وحين مات، كان كل شيء قد سبق أن كتب عنه".
هكذا رصد الكاتب اللبناني إلياس خوري في روايته "باب الشمس" استشهاد فودة
هذا هو علي فودة، المولود في عام 1946 في قرية قنّير- حيفا شمال فلسطين. بعد النكبة 1948، لجأت عائلته إلى جنين ثم إلى طولكرم ومنها 1966 الى الأردن حيث عمل مدرسا. غادر عام 1975 إلى بغداد ومكث فيها عامين وحط رحاله عام 1977 في بيروت، حيث كانت الثورة الفلسطينية تعيش مرحلتها اللبنانية، وكان عضوا في حركة فتح، حيث كان موقفه حادا في معارضة نهج التسوية الذي رأى أن قيادة المنظمة تسير باتجاهه. 
في صيف عام 1977، اختار الفنان مارسيل خليفة قصيدته: 
إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية
 إني اخترتك يا وطني سراً وعلانية
ترددت أصداؤها في بيروت وكل ناحية من أرض العرب. بيروت عرفته بيده اليمنى رشاش المقاتلين، وفي اليد الأخرى مجلة "الرصيف" يوزّعها على المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين.
في منتصف أغسطس 1982، وفي ذروة اشتداد القصف الصهيوني لبيروت من الجو والبر والبحر، كان يوزّع على المقاتلين ببيروت جريدته التي سماها "الرصيف". سقطت عليه قذيفة فأصيب بجروح خطيرة، ليستشهد بعدها بأيام، ويكون من القلائل الذين قرؤوا ما كتب فيهم من رثاء قبل موتهم. 
وكتب الكاتب ناهض حتّر: "والآن مات علي مقاتلا، ليس علي فودة شيئا هيّنا في حياتي، علمني فلسطين والحياة والشعر". 
كان عضواً مؤسساً لرابطة الكتاب الأردنيين. وكان نموذج الإنسان المتمرد. وصف بـشاعر الرصيف وشاعر الصعاليك وبائع الصحف، و"عروة بن الورد الفلسطيني". 
 أصدر خمس مجموعات شعرية (1969-1982)، وعدداً من الروايات. كما أصدر مع رسمي أبو علي، مجلة "الرصيف" (1981- 1982).