توفي الفنان الفلسطيني نصري حجاج، السبت، في منزله بالعاصمة النمساوية فيينا، عن 70 عاماً، بعد صراع مع المرض. ونعت وفاته زوجته عبير حيدر، من خلال تدوينة في «فيسبوك».
وحجاج كاتب ومخرج سينمائي، من مواليد مخيم عين الحلوة العام 1951 لوالد لاجئ من قرية الناعمة ووالدة لبنانية. التحق بصفوف الثورة الفلسطينية، ثم أتم دراسته في بريطانيا، ليتم إبعاده عنها لاحقاً. من أبرز أعماله فيلم «ظل الغياب» الذي تناول تيمة الموت والمنفى للفلسطيني، وفيلم «كما قال الشاعر» الذي وثق فيه لحياة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. كما كتب حجاج في صحف بريطانية ولبنانية وفلسطينية، وأخرج أفلاماً وثائقية نال بعضها جوائز في مهرجانات دولية. كما نشرت له مجموعة قصص قصيرة في رام الله، وترجم بعضها إلى الإنجليزية.
عن فيلمه الأول «ظل الغياب»، قال في حوار صحافي: «في طفولتي المبكرة في مخيم عين الحلوة، عشت قصصاً واقعية تتعلق بالموتى والقبور، ففي العام 1958 وأثناء الحرب الأهلية الأولى في لبنان، شاهدتُ كيف مُنع أهالي ثلاثة رجال فلسطينيين كانوا ينتمون إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، قُتلوا في اشتباكات مع الجيش اللبناني، من دفنهم في مقبرة المسلمين السنة في صيدا المجاورة، وبدلاً من ذلك أجبر الأهالي على دفنهم في حواكير البيوت. وفي العام 1969 وعلى إثر مظاهرة 29 نيسان من تلك السنة ومقتل خمسة شبان بينهم طفل لم يتجاوز الـ15 من عمره برصاص الجيش اللبناني، مُنع أهالي المخيم مرة أخرى من دفن قتلاهم في صيدا، وأجبروا على دفنهم داخل أسوار مدرسة الأونروا الابتدائية حيث تعلمتُ الحرف الأول. بعد ذلك وفي العام 1999 وفي أول زيارة لي إلى فلسطين بعد حصولي على الرقم الوطني، ذهبتُ لأزور قرية أجدادي الناعمة في سهل الحولة في الجليل الأدنى».
وأضاف: «حين وطأت قدماي أرض الناعمة أصبت بحالة لم أعهدها من قبل وأحسست بأنني مقبلٌ على الموت. وفي تلك اللحظة، وفي مواجهةٍ مع سؤال الموت، تداعت في ذهني كل قصص الموت الفلسطيني وارتباطها بالمكان، وسألت نفسي السؤال الذي لم يخطر على بالي قط: لو أنني متْ الآن فهل سأتمكن من أن أدفن في الناعمة، أرض أجدادي وحيث ولد أبي وحيث كان حلمه بالعودة والموت؟! من سؤال العلاقة بين الموت والحياة والوطن والمنفى كما في تجربة الفلسطيني ولدت فكرة فيلم: ظل الغياب».
وعن فيلمه الثاني «كما قال الشاعر»، وأي أثر تركه فيه الشاعر الراحل محمود درويش، يقول حجاج: «هذا الفيلم كان رسالة حبٍّ يحملها إحساس الفجيعة بفقد شاعر الروح الفلسطينية محمود درويش... لجأت إلى أن يكون الفيلم وثائقياً غير تقليدي، لا حوارات فيه ولا يظهرُ فيه الشاعر أبداً، وعليه وجدتُ أن أعملَ أولاً على إيصال فكرة غياب الشاعر عبر حضور الشعر وحضوره من خلال الفراغ في الأمكنة: المسارح التي قرأ فيها، البيوت التي سكنها، المدن التي عاش فيها أو زارها وأحبها... ومن هنا لا نرى في هذا الفيلم درويش شخصياً، وإنما نسمع صوته يقرأ الشعر ونرى أصدقاء له من شعراء وكتاب من مختلف أنحاء العالم يقرؤون شعره بلغاتهم المختلفة، ما يدل على كونيته وخروجه من الإطار المحدود إلى العالم الأرحب».