«لا» 21 السياسي -
في فرارٍ قذرٍ من هزيمتها في أفغانستان تبدأ واشنطن من جديد القفز على فشلها بالهروب إلى الأمام بحثاً عن تعويضٍ استراتيجي معدوم ولهثاً وراء سراب نصرٍ موهوم.
بعد 20 عاما من غزو واحتلال أفغانستان بداعي «محاربة الإرهاب» والقضاء على طالبان تنسحب الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن سلمت البلد لطالبان نفسها، ثم تعود إلى ديدنها وتعاود ديدانها اختلاق ذرائع وافتعال مبررات لاستمرار عاداتها في احتلال الدول وقتل الشعوب ونهب الثروات.
مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينس، قالت إن التهديد الأكبر لبلادها من الإرهاب الدولي ينبع من دول مثل اليمن والصومال وسورية والعراق وليس أفغانستان، وفقاً لما نقلته وكالة «بلومبيرغ».
وأشارت هاينس، في مؤتمر حول الأمن القومي في ضواحي واشنطن، إلى أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكيين يراقبون عن كثب ما إذا كانت الجماعات الإرهابية ستعود للظهور في أفغانستان. غير أنها أكدت أنها لم تعد مصدر القلق في ما يتعلق بإيواء إرهابيين يمكنهم تنفيذ هجومهم داخل الولايات المتحدة.
وفي محاولة لإعادة عرض فيلم واشنطن الفاشل في أفغانستان تضيف هاينس: «نحن لا نضع أفغانستان في صدارة قائمة الأولويات، بل ننظر إلى اليمن والصومال وسورية والعراق. هناك نرى التهديدات الأخطر».
وتتابع حديثها في تناقض واضح: «على الرغم من ذلك، فإن هناك تركيزا كبيرا من أجهزة الاستخبارات الأمريكية لمراقبة إمكانية قيام الجماعات الإرهابية بإعادة تكوين نفسها في أفغانستان».
ولفتت في تناقضٍ مضاعف إلى أن «جمع المعلومات الاستخباراتية داخل أفغانستان قد تراجع منذ الانسحاب الأمريكي».
من جهته علّق وزير خارجية حكومة الإنقاذ بصنعاء، المهندس هشام شرف، على ما جاء في حديث أفريل هاينس بالقول إن هذا الموقف المتوقّع من جناح المتطرّفين في الإدارة الأمريكية ما هو إلا محاولة للهروب إلى الأمام بعد الفشل الذريع للسياسة العسكرية والأمنية الأمريكية في أفغانستان، وذلك باختلاق أعذار وأسباب وهمية للإعداد لحرب جديدة ضد ما يسمى «الإرهاب» لخداع وإقناع الشارع والكونجرس الأمريكي بدخول حرب جديدة تتجاوز المحيط الأطلسي.
وجدد شرف التأكيد أن اليمن ليس مصدراً للإرهاب، ولن يكون موئلا لأي منظمات أو جماعات إرهابية.
وأضاف: «بدلا من توزيع الاتهامات، بإمكان مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية أن تطلب تقريراً عن دعم تحالف العدوان للجماعات والمليشيات المتطرفة في اليمن، بالإضافة إلى تكليف محللي وراسمي سياسة الاستخبارات الأمريكية بدراسة جدوى فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، لتسهيل دخول احتياجات الشعب اليمني المحاصر من المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وستجد أن إنهاء العدوان ورفع الحصار وفتح المطارات والموانئ سيعزز فرص الأمن والاستقرار ومحاربة أي شكل محتمل من أشكال الإرهاب، بدلًا من إيجاد مبررات لفشل الإدارة الأمريكية الحالية، والعودة لأسطوانة محاربة الإرهاب في اليمن».
من الواضح أن إدارة بايدن شرعت في تنفيذ خطواتها الأولى في إعادة الانتشار احتلالاً وقتلاً في المنطقة العربية. وما حديثها عن سحب قواتها من العراق إلا من باب المزايدة على حركات المقاومة هناك وتعزيزاً لمخططها في تقسيم وسرقة سورية. أما اليمن، الذي تحاصره وتقتل شعبه منذ سنوات، فتبدو واشنطن قد حسمت أمرها بشأن تدخلها المباشر في الحرب عليه بعد فشل أدواتها الإقليمية والمحلية في إيقاف اليمنيين عن مواصلة زحف التحرر والتحرير والاستقلال ورفع الوصاية، وبما يهدد مشروعها الصهيوني برمته ليس في اليمن فقط، بل وفي عموم المنطقة.