إلى أحب الناس.. إليك يا قديسة، يا أمي:
أرجو المعذرة وأن تسامحيني لأني خرجت من دون إذنك، ولكن هناك طير يغرد سجيناً بحاجة لمن يطلق سراحه، وهناك لنا أرض خضراء وبيت صغير وذكريات ولنا رفاق وأحبة... فكيف يمكنني الجلوس والضحك ولي أصدقاء يستشهدون وآخرون يأسرهم العدو وهم ما فعلوا سوى واجبهم، ليس لأجل أنفسهم فحسب، وإنما لأجل كل العيون الخائفة والمضطهدة... سامحيني؛ لأنّي أحبكم حباً جمّاً، فأنا سلكت طريق من سبقني، طريقاً مساره صعب قليلاً، ولكنّه مليء بالحنان، لأنّه طاهر ودافئ، طريقاً سيعيدنا إلى كل ما نهوى وما نود.
أسألك هل تمر الأعياد مرة دون غصة؟! وهل يمكننا فعل ما نشاء دون قهر؟! وهناك العديد من الأسئلة. والجواب واحد: لا."
هذا جزء من الرسالة المسجلة التي تركتها لولا عبود.
ولدت لولا إلياس عبود في بلدة القرعون- البقاع الغربي عام 1966، وترعرعت في أسرة مناضلة. والدها الصحفي والمناضل الوطني إلياس عبود. انتسبت عام 1981 إلى صفوف الحزب الشيوعي اللبناني.
كانت الساعة قد قاربت الثانية عشرة ليلاً عندما وصلت ابنة القرعون إلى قريتها، ومن هناك سلكت طريقاً وعراً صعوداً إلى قمم جبال الباروك ثمّ نزولاً إلى بلدة في البقاع الغربي، ومنها تسللت إلى نقطة معينة في أحد البساتين، إذ كان ينتظرها رفيق من المقاومة، انتقلا معاً إلى منزل سري يستخدمه عناصر المقاومة نقطة تجمع وانطلاق، يطل على موقع لتجمّع آليات وجنود الاحتلال الصهيوني.
صباح 21 من نيسان/ أبريل 1985، انطلقت مع مجموعتها المكونة من 3 أشخاص بهدوء. كان الاتفاق أن تسلك الطريق الترابية ثمّ تتجه نحو مدخل الموقع العسكري من الناحية الخلفية لتضع الحقيبة على أن يقوم رفيقاها بمهمة حمايتها وإسنادها وتأمين انسحابها.
عند حدود الموقع، رفع رفيقها الشريط الشائك فعبرت تحته، وسلمها الحقيبة. سارت بخطوات سريعة نحو الهدف. استشعر العدو وجودهم وبدأ يطلق النار نحو المجموعة، فما كان أمامها إلا أن تركض بسرعة لاجتياز المسافة القريبة نحو مدخل الموقع، وهناك فجّرت العبوة الناسفة مستشهدة وملحقة العديد من الإصابات في صفوف الصهاينة. تناثرت أشلاؤها لتغرس ابتسامتها وعداً بنصر قادم.