«لا» 21 السياسي -
في منتصف فبراير 2012 وبُعيد «نصبة»/ «نكبة» تنصيبه رئيساً مُيمنناً صورياً، مؤمركاً دولياً، مجمركاً سعودياً.. تابعاً لصالح، تبيعاً لمحسن، مطيةً للخونج، بردعةً للمؤتمر، كان أول أمرٍ اهتم الدنبوع عبد ربه منصور هادي» بإتمامه هو متابعة السفير السعودي في صنعاء للرفع بتعديل درجة ارتزاقه وعمالته في كشوفات «اللجنة الخاصة» السعودية من عميل بدرجة نائب رئيس جمهورية معوق إلى مرتزق بدرجة رئيس جمهورية معاق. ليست مزحة، بل ذلك ما حدث بالفعل وهو ما أكدته مصادر متعددة وأثبتته أيضاً وثائق مسربة من أدراج لجنة الوصاية السعودية.
لا غرابة في هكذا أمر مخز، ولا غريب في هكذا قصة مهينة سوى الشيطان وصنيعته الضال هادي وسلمان وابنه المهفوف والأمريكان. والمتابع لحكاية «عبد ربه» والمتتبع لقصته لن يتفاجأ ولن يستغرب أو يتعجب أو يندهش، فـ»هادي» بدايةً ونهاية مجرد مرتزق صغير نفخت في قربته المقطوعة من شجرة الناموس ريح الدُبُر السعودية الكريهة ورياح الدبور الثورجية القذرة وحولتاه إلى خائنٍ بمنزلة رئيس جمهورية وعميل بمرتبة نزيل لوكندة ملكية.
برع الإنجليز في صناعة عملائهم من الحكام العرب. وأتقن الأمريكان الأمر ذاته. وتفنن الصهاينة أيضاً في ذلك. غير أن «هادي» كان صنيعة مختلفة، تجاوز بانحطاطه نظراءه من جميع السابقين وكل اللاحقين، وجاوزت صنعته براعة الـ«إم سكستين» وتقانة الـ«سي آي إيه» واحتراف وحرفية «الموساد»... إنه صناعة «الشيطان» شخصياً.
في آخر أيام الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن كان هادي أحد عملاء الـ«إي إم سكس» ممن حاصروا وألقوا القبض على قيادات الجبهة القومية. وفي آخر أيامه كان ذلك العميل الصفري في معادلة الخيانة والعدوان والتقتيل والحصار على اليمن شعباً وشعاباً، أرضاً وعرضاً، جنوباً وشمالاً، حجراً وشجراً، تاريخاً وجغرافيا.
من دوره كقفازٍ وسخ في مذابح «الزمرة» و«الطغمة» في مجازر يناير 1986 إلى انبطاحه جسراً عظمياً مرت عليه قطعان «صالح» و«محسن» و«الخونج» لاستباحة الجنوب في حرب 1994، ومن قيامه بدور «أمينة» في فيلم المبادرة الخليجية الارتزاقي بين عامي 2012 و2014 إلى تبريره للعدوان على بلاده في 2015 وتسويغه للحرب المستمرة على شعبه، تنكشف وظيفة «هادي» القواد دائماً وأبداً. رغم ذلك فهو مجرد صورة فاضحة لأشباهه من العملاء والخونة والمرتزقة وشذاذ الأوطان وشواذ الشعوب.
طوال فترات الصراع البيني اليمني لم يكن هادي خصماً شريفاً ضمن خصوم ألداء أو أصدقاء أعداء، بل كان وما يزال وسيظل مجرد أداة خيانة وسكين ذبح ومنديل تواليت.
من يد علي ناصر محمد إلى كف علي محسن الأحمر، ومن حجف علي عبدالله صالح إلى حضن محمد سعيد آل الجابر، ومن تحت جثث بطاقات الهوية في يناير 1986 إلى فوق ضحايا يوليو 1994، ومن أقبية الدثينة والفرقة الأولى مدرع و«ستين الإصلاح» و«سبعين صالح» إلى مواخير ابن سلمان وفنادق بورنو الرياض وجدة، ومن بين أقدام الإنجليز إلى تحت أحذية الأمريكان.
من مسؤول توزيع عُلب الفول والفاصوليا وشوالات البطاطا والباذنجان إلى موزع نقود وشيكات ومفاتيح غرف وقرف. هكذا هي سيرورة هادي وصيرورته طوال أكثر من نصف قرن قضى معظمه على سرير النوم يحاصره مثلث الدوم وتعتصره مرارة الفشل بأن يكون رجلاً حتى ليومٍ واحد.
أراد السعوديون ومن خلفهم الأمريكيون من تنصيب هادي رئيساً استمرار نظام وصايتهم على اليمن وتمرير مشروع التقسيم الجغرافي والمحاصصة الاستعمارية وتمكين أدوات الإرهاب وتأسيس الطائفية والمذهبية؛ غير أن إرادة ثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر 2014 انتصرت على مؤامرات عواصم الوصاية ومرتزقتها، وفر هادي وما يزال فأراً يأكل من بقايا الخيانة ويقبع في قبوٍ فندقي يخنقه الذل وتلحقه اللعنات.
عقدة نقص الدنبوع لا تتعلق بأصله وفصله كما يذهب بعض عبيد جينات الأنثروبولوجيا ونساجي دي إنّات الفسيولوجيا، بل تعود لكينونة نفسه المصنوعة داخل كير حدادي العملاء والمرتزقة، والمسكونة بشعور التبعية والتهميش والأدواتية.
«الزيود مجرمون». هكذا ينقل وائل الهمداني عن الدنبوع! ولا جديد فيما ذكر الهمداني سوى أنه صدر عنه بكونه مترجم هادي الخاص، وإلا لكانت شهادته واحدة من ملايين الشهادات التي تتجاوز منشوراً فيسبوكياً عاصفاً إلى كونها دماء أطفال ودموع نساء وأشلاء شيوخ ونحيب يابسة ونشيج سواحل وأنين جزر ولعنات شعب وأرصدة خونة ونذالة نخبة وسفالة تكنوقراط وعمالة عسكر ودمامة شيوخ وقبح مشائخ وحقارة حداثيين وهوان تجار ومآتة خيال قيل له ذات لعنة: فخامة الرئيس!