"في كل هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان، لا يبدو أحد اكتسب من اسمه حظاً واقتنص منه نصيباً، فقارب بين الدال والمدلول في المعنى، كما فعلت زكية شموط، التي رحلت عن عالمنا بعد أن استوفت شروط فلسطينيتها بحدودها القصوى، أُماً وأُختاً، وابنة وزوجة، وفلاحة ومتمدنة بفعل إجادة زرع المتفجرات، ومناضلة وقائدة، ومواطنة ولاجئة، وأسيرة ومحررة، وضاحكة وباكية، كلما ضبطت إيقاع مشاعرها على عقارب الساعة الفلسطينية، المليئة بكل انتكاسات وابتهاجات القلب".
الكاتب خالد صالح
زكية عمر حسن شموط، من مواليد مدينة حيفا عام 1945. عاشت داخل أراضي عام 1948 حياة طفولة صعبة ومريرة تحت قبضة الاحتلال، فتولد لديها الحقد والانتقام من المحتل.
التحقت بالعمل الفدائي عام 1968، إذ لم تتردد لحظة واحدة عندما عرفت أن زوجها محمود شموط ضمن مجموعة الفدائيين، فالتحقت بالعمل الفدائي عام 1968، وكانت من أوائل الفدائيات الفلسطينيات اللواتي ينفذن عمليات فدائية داخل أراضي عام 1948 المحتلة.
نفذت 7 عمليات فدائية، من أبرز تلك العمليات وضع عبوة ناسفة داخل بطيخة كبيرة انفجرت وأدت إلى مقتل حوالي 15 صهيونياً وعشرات الجرحى. بعدها بعام قامت بزرع عبوة ناسفة في سوق العفولة الذي يعج بالصهاينة المغتصبين، ونجحت تلك العملية في قتل العديد منهم وإصابة آخرين بجراح.
تم اعتقالها من قبل أجهزة المخابرات الصهيونية بعد أن وشى بها بعض العملاء الخونة. وفي المعتقل مارس العدو المحتل بحقها أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي كي يرغمها على الاعتراف، وكانت حينها حاملاً، ففقدت وعيها عدة مرات.
أصدرت المحكمة العسكرية الصهيونية بحقها حكماً بـاثنى عشر مؤبداً (1188 سنة)، وحكم على زوجها محمود شموط بالسجن مدى الحياة.
كانت أول معتقلة فلسطينية تنجب مولودتها داخل السجون الصهيونية، وكانت المفاجأة أن المولودة تبقى حية خلافاً للتوقعات لما لحق الأم من تعذيب.
عام 1983 بعد 15 عاماً من الأسر والتعذيب، أفرج عنها هي وزوجها في صفقة لتبادل الأسرى بين منظمة التحرير والكيان الصهيوني، ورفضت سلطات الاحتلال بقاءهما داخل أراضي عام 1948، واشترطت مغادرتهما إلى الخارج، فأبعدا إلى الجزائر، حيث عادت لمواصلة نضالها في الشتات.
في 16 سبتمبر 2014، غيب الموت المناضلة (أم مسعود) في العاصمة الجزائرية ودفنت هناك.