علي نعمان المقطري / لا ميديا -
نعرف مدى أهمية القيادة الثورية الواعية في مجرى الحروب والنهضات الشعبية والاجتماعية والحربية والبناء الشامل، حتى يكاد دورها يكون هو العامل الحاسم في تحقيق الانتصارات والنهضات.
وإذا أردنا أن نفهم أسباب هذا الاهتراء والضعف الذي يعتري صفوف العدوان وقواته، رغم القوات الهائلة التي يحشدها ويجندها والأموال الضخمة والأسلحة والقدرات الهائلة التي يملكها، فإن يعاني ضعف قيادته التي صار لها الفضل الأول في اندحاراته وانكساراته وهزائمه وسوف تجهز عليه حتما بإذن الله.
أما نحن فنمتاز بقيادتنا الثورية الشعبية الوطنية التحررية الشابة الإسلامية العقيدية الكفاحية المستقيمة دينا وخلقا وإرادة، والواعية المسلحة بإرادة صلبة خارقة، لا تهون ولا تمل ولا تكل ولا تتردد ولا تتكاسل ولا تجهل ولا تفقد صوابها ورشدها وإدراكها الواسع للواقع والتحديات الحربية والعامة في كل الظروف وأكثرها قسوة ومعاناة، وحضورها الفعلي في الميادين والمجتمع وانخراطها في الكفاح والقتال قدوة للآخرين، ضاربة المثل الأعلى في الشجاعة والفروسية والثبات والانطلاق والمرونة والإبداع والثقة بربها وبشعبها ووطنها، متجردة من مصالحها الذاتية، مضحية بالغالي والنفيس من أجل القضية الوطنية الشعبية التحررية والاستقلالية والاجتماعية والإنسانية والإسلامية.
وعلى العكس، القيادة العدوانية لا تملك أية مؤهلات مادية أو علمية أو أخلاقية أو روحية أو عقلية أو فكرية أو ثقافية أو دينية أو عسكرية حقيقية أو تجريبية، ولا تملك أية إرادة مستقلة وحرة ولا كرامة ذاتية وعامة، ولا تملك الهمة والقوة والحيوية والشباب والجلد، وهي تعاني العزلة الاجتماعية، والقلة الصغيرة المترفة الفاسدة الماجنة المتغربة هي التي تؤيدها وهي التي تشكل قاعدة تبعية وعمالة العدوان ودوله، ومن ثم لا أصل لها ولا جذور في المجتمع اليمني الوطني، وهي مرتزقة لا قضية لها إلا خدمة المستعمرين والفاسدين والمجرمين مقابل الأموال والهبات والعطايا والامتيازات الذاتية لنخب المرتزقة والعملاء الذين لا هم لهم إلا جمع الأموال من أحط الطرق والوسائل، وهي أقرب إلى التميع والرذيلة والمجون والفساد، وبطبيعتها لا تخرج رجالا مقاتلين ولا قادة حقيقيين لحروب. إنها طفيلية في كل شيء، تعتمد على شراء جهود الآخرين من المحترفين والمرتزقة الآخرين الأصغر شأنا.
إن هزائم الجيوش وانتصاراتها المستقبلية تتحد بحسب نوعية القادة والقيادة وخصالها ومناقبها الأساسية ومكوناتها الفكرية والروحية والخلقية والعلمية والثقافية والنفسية والتاريخية، ومتى عرفت تلك المؤشرات أمكن فهم نتائج الحروب والمعارك. وهناك أمثلة تاريخية قريبة وبعيدة على هذه الحقيقة ومصداق لها من تاريخنا ومن تاريخ العالم.
وتتجلى قوة القيادة في اتخاذ القرارات والخطط الصحيحة والمواقف السليمة الواقعية في الأوقات المناسبة والصحيحة، وفي قدرتها على تعبئة كل القوى والطاقات المتوفرة وتشغيلها وتوظيفها في المحاور المناسبة والضرورية وبالمقادير المطلوبة بدقة. كل هذه التحركات لا تستطيعها إلا قوة واعية مدركة خبيرة حازمة متحمسة ثورية مستقيمة الأخلاق والسلوك والتفكير، مؤهلة عقليا وبدنيا ونفسيا وروحياً تأهيلاً يجعلها أقرب إلى الكمال النسبي، مستقلة مجتهدة مخلصة محبة طاهرة القلب والروح والنفس، شجاعة عاقلة حكيمة كريمة ذات أصول وحيثيات معلومة، مجربة، من أهل الصراع والحرب والدراية والسياسة، يقظة ثابتة المزاج صافية الفكر تتمتع بأعصاب فولاذية. وهذه الخصال لا تنطبق إلا على قيادتنا الثورية الوطنية وحدها. وكلما اشتدت وتائر تلك المناقب والخصال المعنوية والروحية واليقظة في القيادة ازدادت وتضاعفت أمامها فرص الفوز والنجاح والانتصارات، ولذلك فإن النتيجة محسومة سلفا لصالح القيادة الوطنية اليمنية مهما تكن المصاعب، وهذا لا يحتاج إلى مزيد من الجهد لإثباته، لأنه صار الآن بديهة ومسلمة واضحة في الميادين في العام السابع الذي تحققت خلاله النتائج والمآلات ورسمت خلالها المصائر القادمة والنهايات، نهاية الحرب والعدوان الجاري الذي يمر الآن في أقسى منحنياته ومنعطفاته، وهناك عديد المؤشرات الموضوعية والعلمية التي تدلل على ذلك.

مؤشرات وبشارات ووعود من تلك المؤشرات:
إن هذا الزخم المليوني الشعبي المتدفق الحاضر في كل المناسبات الوطنية والدينية التي تدعو إليها القيادة الثورية الوطنية إلى الساحات المكشوفة تحت قصف العدوان وطائراته وصواريخه ومرتزقته، هذا التحشد المخيف والمذهل للأعداء يقدم الكثير من المعاني في كل الاتجاهات للأعداء والأصدقاء، وصار ذلك ديدنا منتظما ومتواصلا طوال الأعوام السبعة الماضية ومازال مستمرا، ويصل الحشد الجماهيري في كل مرة إلى ملايين المواطنين الأحرار المحبين والمؤيدين للثورة وللصمود. وهذا له الكثير من المعاني الاستراتيجية والعقيدية والحربية والثورية والمشروعية والأحقية والوطنية والقوة الشعبية الكاسحة في مواجهة المتقولين والملوقين وأصحاب أسطوانة الشرعية المزورة، فما هي الشرعية إن لم تكن الإرادة الشعبية الحرة المستقلة معبرا عنها بوسائل مختلفة ومتنوعة مباشرة وهي الأصل، وغير مباشرة وهي اللاحق، وهي تعكس قوى كمية ونوعية وأخلاقية وروحية وسياسية وعقيدية واجتماعية تلتف حول القيادة الثورية الوطنية وتعزز شرعيتها دوريا وفي كل مناسبة ويوميا، وهي بمثابة قرص الشمس للعقلاء والشرفاء والأحرار والرائين والمتأملين الذين لهم حواس وقلوب وعقول، وهي ترسم نتائج الفعاليات القادمة في الحرب والسياسة على السواء؟! إنها تزن بوضوح وصدق لا شك فيه حقيقة موازين القوى الاستراتيجية والحربية والسياسية، وهي تضاعف المعنويات والثقة بالقيادة وبالنصر المحتم الذي نراه جميعا من خلال طلائعه وبشاراته ومقدماته ووقائعه في الميادين المختلفة، وهي إشارة إلى الباحثين حقا عن الحلول السياسية الوطنية والديمقراطية في كل الاتجاهات اليمنية. نحن جاهزون للحرب وللسياسة أيضاً. إنها ترسم سيناريوهات المستقبل الوطني بشروط وطنية شعبية حرة ومستقلة ناجزة لا تقبل التسويات الجائرة أبداً، وهي تقول إننا جاهزون للحرب أو للسياسة وكما تريدون يا عدوان ويا مرتزقة.
ورب قائل يقول ويكرر أكاذيب قوى العدوان بأن هذه الأعداد قد أتت من غير رغبة منها وإنما الخوف والطمع والتضليل، ولكن اليمانيين لا يخافون ولا يضللون ولا يطمعون. نعم إن الطغاة المترفين قادرون على حشد الناس مقابل الأجور والعطايا، ولكن هذا قد يحدث لمرة أو اثنتين، لكنه يستحيل حصوله كل وقت ويستحيل حصوله تحت الحصار والعدوان والتهديد بالإبادة الفعلية. ورغم ذلك يأتي الشعب ويستجيب تحت القصف والجوع والحصار والمعاناة.
أثبتت القيادة الوطنية الثورية اليمنية العليا والعامة قدرتها الأسطورية التي لا تبارى ولا تنافس على مستوى قيادة العدوان وغيرها، فلم تنجز من قبل قيادة وطنية هذه الإنجازات في ظل ظروف مشابهة على الإطلاق، فلم تنجز القيادات الثورية مثل هذه الإنجازات إلا في ظروف مثالية بوجود داعم عالمي دولي أممي قادر على تحييد القسم الأعظم من قوات العدوان سياسيا وحربيا واستراتيجيا، وتوفير الحد الأدنى من المتطلبات، وهذا ما نراه في التجربة الكوبية والجنوبية والفيتنامية والصينية والكورية والإيرانية واللبنانية والفلسطينية والأفريقية واللاتينية والمصرية والسورية والعراقية. أما في التجربة اليمنية الجارية فهي تنشأ في ظروف أصيلة خاصة متميزة عن سواها، وأصعب من كل الظروف والتحديات السابقة، وأقلها الحصار الشامل والعدوان الجماعي الدولي للاستعماريين من عشرين بلداً كبيراً ودول عظمى، وفي ظل غياب كامل للبلاد المتناحرة مع الغرب، بل وتواطئها المؤسف.
جميع البلاد التحررية التي انتصرت في السابق كانت لا تعاني حصارا شاملا ولا تفتقر إلى الدعم العسكري الخارجي، وكانت حدودها مفتوحة وسماؤها ومجالها البحري والجوي مفتوحا، وترد إليها المساعدات من كل مكان. أما نحن فإن القيادة الثورية قد واجهت شروطا مستحيلة لا يستطيع الإنسان فيها أن يحلم بالنصر، إلا إذا كان من طينة خاصة، ومن نوع خاص ونادر أبرز ما فيه اليقين المطلق والمعرفة المطلقة والقدرات الخارقة على استيلاد أسباب النصر والقوة والعزم والرؤية والوضوح حد الإشراق والاستبطان والاستيحاء والإمساك بنواصي المعرفة الاستراتيجية الشاملة والتأييد الإلهي المطلق. والتجارب اليومية تثبت ذلك وتجليه. وقد أصيبت القيادة العدوانية بالشلل والتشتت والعجز عن تفسير ما يجري أمامها مما يشبه العجائب والمعجزات والتي لا يمكن تفسيرها بالحقائق والمنطقيات المادية وحدها. 
فبعد صمود أسطوري استمر سبع سنوات مازال مستمرا ومتواصلا لأعوام أخرى راكمت معها القيادة الوطنية الكثير من القدرات، وتمكنت من إزالة وتحييد التفوقات العدوانية التي كانت تشمل البحر والجو والأرض بأساليب وتقنيات جديدة ابتدعتها من خلال تجاربها الحربية ومن خلال الإطلاع على تجارب وخبرات محور المقاومة التحررية وقواها عبر العالم وفي منطقتنا العربية والإسلامية والعالم الثالث، وتمكنت جهودها من كسر الحصار الشامل وإيصال الضروريات والمعدات والأدوات الضرورية لمتابعة التطور وتحقيق التكافؤ الضروري في المواجهات، وتأمين الضروريات والمواد الأولية واللازمة لصمود الشعب اليمني الأبي، وتأمين الخطوط الإمدادية التي تمكننا من مواصلة الصمود وتطويره إلى مستويات أعلى من خلال المواجهات والحرب وتحقيق الانتصارات والتحطيم التدريجي لقوى العدوان واستنزافها في آلاف من المعارك والمواجهات والمناوشات والهجمات والمناورات والخطط والتكتيكات التي راحت تتطور تدريجيا حتى وصلت إلى مستويات جديدة حاسمة شكلت تحديات ميدانية.
كما طورت القوى الصاروخية والبحرية والجوية والدفاع الجوي القديمة انطلاقا من نقاط صفرية إلى مستويات عالية أصبحت تشكل تحديات جدية أمام العدوان في المجالات المختلفة، ويحتاج شرحها إلى مجلدات ومصنفات خاصة، ولكننا نورد إشارات إليها الآن وسنعود إليها فيما بعد. والمهم عندنا الآن هو الفوز في المعارك البرية الحاسمة المفصلية والكبرى الجارية في مأرب وشبوة والبيضاء والجوف وتعز والحدود المحتلة وغيرها.