حاوره: مارش الحسام / لا ميديا -
نجم من طراز فريد، نجح في تجسيد كثير من الأدوار المتنوعة، وفي كل عمل أسند إليه دخل دون استئذان قلوب المشاهدين.
إنه الفنان يحيى إبراهيم الذي حقق خلال مسيرته الفنية التي تمتد لما يقارب الـ30 عاما نجاحاً باهراً، واستطاع من خلال أدائه وفنه الكبير أن يخلد اسمه ضمن عظماء الدراما والمسرح في اليمن، وهو ما دفعنا لإجراء حوار معه لمعرفة الكثير عن شخصيته وأعماله، فإلى نص الحوار..

طفولة فنية
 بداية لو تعرفنا والقراء من هو يحيى إبراهيم؟ وكيف اقتحم عالم التمثيل؟ ولمن يعود الفضل في اكتشافه؟
يحيى إبراهيم، شخص بسيط جدا، اجتماعي، شعبي، دخلت عالم التمثيل منذ الطفولة، وكان الداعم الحقيقي لي في سن الـ14 أو 15 سنة، الأستاذ محمد الحكيمي الذي كان حينها خطيب جامع التوفيق ومشرفاً اجتماعياً على مدارس العاصمة، وهو من شجعني ودعمني، وبعد ذلك لا أنسى الفضل الكبير للأستاذ والشاعر المرحوم عبدالكريم الخميسي الذي دعمني أيضاً وأخذ بيدي ووقف معي أنا ومجموعة كبيرة من الفنانين، وأيضاً لا أنسى دور الأستاذ والمخرج المسرحي أحمد علام الذي تتلمذنا على يديه في مدرسة جمال عبدالناصر بالعاصمة.

أعمال "المسيرة" جبارة
 إلى أي حد تضررت الدراما اليمنية من العدوان؟ وفي مثل هذه المرحلة ألا يفترض أن تكون الدراما انعكاسا للواقع المعاش؟ ولماذا نجد أن الأعمال الدرامية الحالية لا تلامس هموم المواطن؟
الدراما اليمنية استمرت رغم العدوان والحصار الجائر على بلدنا ومازالت قائمة رغم كل الظروف الصعبة وكل شيء، ويحسب لها أنها تنوعت في كل المجالات، وكذلك استفادت بوجود القنوات الفضائية اليمنية التي تتنافس في ما بينها في موسم رمضان على عرض أكثر من عمل درامي، قنوات يمنية مثل "الفضائية اليمنية" و"السعيدة" و"الهوية" أنتجت أعمالاً كثيرة، ولا أنسى قناة "المسيرة" التي أنتجت أعمالا جبارة، ومن وجهة نظري أنها أعمال راقية واجتماعية تخدم المواطنين قبل كل شيء، إذ تعالج المشاكل وأشياء كثيرة سواء عن طريق المسلسلات التي تعالج قضايا الحرب والمعارك أو الأعمال الاجتماعية التي تتناول ظروف المواطن وما يعيشه.

ازدهرت ولم تتراجع
 يرى كثيرون أن مستوى الدراما اليمنية تراجع مقارنة بالثمانينيات، ألا يفترض أن يكون العكس، فزمان كان لدينا قناة تلفزيونية واحدة وعمل درامي واحد أو اثنان في السنة، فيما اليوم لدينا ما يقارب 10 قنوات فضائية يمنية وأكثر من 8 أعمال درامية في السنة، ما رأيك؟
صعب أن نقارن بين الآن والثمانينيات، فإنتاج الفضائية اليمنية التي كانت وحيدة على مستوى اليمن بشكل عام وكانت تنتج في السنة ما يقارب 3 إلى 4 مسلسلات وقتها كان رمضان متخصصاً للفوازير والمسابقات، لم يكن هناك حاجة اسمها مسلسل رمضان، ولكن الفضائية اليمنية انجرفت بعدها مع كل الفضائيات العربية وأصبح الإنتاج موسمياً لظروف الداعمين والإعلانات.
حاليا، بالعكس، الدراما اليمنية ارتقت بوجود أكثر من إنتاج وأكثر من قناة، قناة المسيرة مثلا أنتجت أعمالاً كبيرة وجبارة جدا لم يكن لي النصيب في المشاركة فيها بحكم ارتباطي بأعمال أخرى. ولا أنسى قناة الهوية التي كان لي النصيب بالمشاركة في مسلسل "صرخة وطن"، وأيضاً لا أنسى الفضائية اليمنية بإنتاجها مسلسلاً ضخماً جدا، وهنالك أعمال كثيرة أيضاً انتجتها قناة السعيدة.
فالدراما ازدهرت وتنوعت، وفي الثمانينيات كان لها ظروفها ووقتها كانت قناة اليمن المتنفس الوحيد، بينما الآن التنافس موجود.

اختيار العمل المناسب
 حاليا هناك حوالي 10 قنوات فضائية يمنية منقسمة بين الطرفين، وأيضاً هناك انقسام في جماهير تلك القنوات.. السؤال هل يمكن أن يصل الانقسام إلى الساحة الفنية، كأن يرفض الممثل المشاركة في عمل درامي كونه سيعرض على هذه القناة المحسوبة على هذا الطرف أو ذاك؟
نحن سعداء أن القنوات مهتمة بالدراما ما يتيح للفنان أن يتنقل بين القنوات، ويستطيع أن يختار العمل الجيد، كل فنان له عقليته واتجاهه ويستطيع أن يعتذر عن أي عمل ويقبل ما هو مناسب، وأكيد كل قناة لها سياستها ومشاهدوها، والممثل له الحق أن يختار العمل الذي يناسبه ويرفض العمل غير المناسب له، هناك فنانون يعملون مع أكثر من قناة سواء مع هذا الطرف أو ذاك. وإذا وجد العمل الاجتماعي غير المسيس فالفنان من حقه أن يختار القناة التي تناسبه، هناك فنانون يختارون القنوات التي تناسب اتجاههم أو سياستهم وانتماءهم لأحزابهم.

ضد تسييس الدراما
 هل أنت مع تسييس العمل الدرامي؟
أنا ضد تسييس العمل الدرامي، لكونه يعالج الكثير من القضايا الاجتماعية كالفقر والطلاق والثأر والزواج المبكر وغيرها من القضايا. 
هذه وجهة نظري، أنا لا أنتمي لأي حزب ولا أي فئة، أنا أنظر إلى العمل الذي يناسبني وأوافق عليه، وما لا يناسبني أعتذر عنه.

الجوكر
 خلال مسيرتك الفنية الطويلة قمت بأداء كثير من الأدوار المختلفة.. ولكن أين يجد يحيى إبراهيم نفسه في التراجيديا أم الكوميديا؟
تناسبني كل الأدوار، مع أن مسيرتي بدأت في الكوميديا، ولكن عندنا حاجة نسميها الفنان الجوكر مثل اللاعب الجوكر في كرة القدم ممكن يلعب دفاع أو وسط أو هجوم أو حتى حارس، أنا من النوع الذي يجيد كل الأدوار من كوميدية ودرامية وتراجيدية أو ميلودرامية، لأني في الأخير فنان وأمثل الدور الذي اختارني المخرج لأكونه.

ألبس تحت إشراف "الداخلية"
 الفنان يحيى إبراهيم قدم الكثير من الأعمال التي يجسد فيها دور ضابط شرطة، وربما تعرض لبعض الانتقادات في بعض تلك الأعمال باعتبار أنه قدم صورة مشوهة لرجل السلك العسكري، وبالذات في مسلسل "كيني ميني". ما ردك؟
كثير من الأعمال مثلت فيها دور ضابط شرطة، ومثلت كل الأدوار في هذا الجانب من عميد ركن إلى رائد إلى نقيب إلى مقدم، وأتحدى أي أحد أن يقول إني أسأت إلى السلك العسكري أو البدلة التي ألبسها.
وفي مسلسل "كيني ميني" مثلت دور عقيد بحيث كنت مدير قسم شرطة مضطهداً ومطارداً من قبل صاحب البيت العم ناصر (المرحوم يحيى الحيمي) بسبب الإيجار، رغم أني كنت ضابطاً كبيراً ومدير قسم شرطة، ولكني كنت أتهرب من باب العمارة وأتسلل للدخول إلى شقتي بحكم منصبي كضابط كبير، ولكن القانون فوق الجميع، وليس مقبولا على العقيد أو الضابط الكبير أن يذل الآخرين أو يفرض هيبته على صاحب البيت الذي هو مستأجر منه.
وأنا أديت أدواراً كثيرة بالزي العسكري. وطبعا السؤال قال إني أسأت للسلك العسكري.. أقول والله الأعمال موجودة ويمكن أن تشاهدوها وتحكموا.. لأني حريص على اختيار الدور، حريص على اللبس، حتى اللبس الذي ألبسه كان تحت إشراف وزارة الداخلية.

تجربة سينمائية وحيدة
 ماذا عن تجربتك السينمائية؟
لا يوجد سينما في اليمن ولم نعمل الكثير من الأفلام.. كان لي عمل سينمائي وحيد هو فيلم "يوم جديد في صنعاء" مع المخرج والكاتب بدر الحرسي، وكانت تجربة كبيرة جدا، والفيلم صور في صنعاء القديمة، وكان يحكي عن يوم واحد فقط جديد في صنعاء من الصباح إلى المغرب، وحورب هذا الفيلم في اليمن رغم أنه حصد العديد من الجوائز الأوروبية والعربية وتم عرضه في أكثر من دولة إلا دولة اليمن لم تقبله ولم يتم عرضه تلفزيونيا ولا أدري ما هو السبب؟!

ثنائي متميز
 كيف تصف تجربتك مع الفنان آدم سيف (دحباش)؟ وبرأيك لماذا اختفى عن الساحة الفنية؟ أم تم تغييبه؟
لدي تجربة كبيرة ورائعة مع الفنان آدم سيف، وكنا ثنائياً، وكان أول لقاء لنا في مسلسل "المهر"، وهذا المسلسل جمعنا بكثير من الفنانين مثل نجيبة عبدالله وأمل إسماعيل، وبعدها اشتغلت معه الجزء الثاني من "دحباش" ومن ثم "مواقف ضاحكة" و"أبو الخير" وغيرها من الأعمال، ثم خضنا تجارب المسرح في أكثر من محافظة وحققنا نجاحاً كبيراً، وكان هناك إقبال جماهيري كبير، وكانت تجربة ناجحة جدا، وكنت مع آدم من أروع الثنائيات التي عملتها في حياتي، بعدها اختفى أدم وحورب كثيرا جدا بسبب كلمة "دحباش"، وبسبب هذا الاسم برزت ظاهرة التنابز بين الشمال والجنوب. هناك يقولون "دحباش" وهنا "قرطلة". المهم دخلت في طابور خامس وتم تسييسها، مما أدى محاربة آدم سيف بالاسم كأنه هو من أطلق الاسم وليس منتجي المسلسل الذي يتبع الفضائية اليمنية ولا يتبع آدم سيف شخصيا.

صدارة الوجوه الجديدة
 لماذا تفتقر الدراما اليمنية للوجوه الجديدة، وغالبا ما نشاهد في كل موسم نفس الوجوه في أغلب الأعمال الدرامية اليمنية؟
هذا غير صحيح، فمن يسيطر اليوم على الساحة الفنية ليسوا نجوم التسعينيات وإنما وجوه جديدة، وأصبحنا نحن من نعمل معهم كضيوف كشرف، هناك الكثير من الفنانين الجدد مثل صلاح الوافي وعبدالله يحيى إبراهيم اللذان يتصدران حاليا كثيراً من الأعمال الدرامية التلفزيونية، وكثير من الشباب الصاعدين مثل فواز التعكري الذي يتصدر عدداً من الأعمال.

لا توجد شللية
 يُقال إن الشللية تسيطر على الدراما اليمنية وأن شخصاً واحداً هو الكل بالكل؛ هو المؤلف والمنتج والمخرج وصاحب دور البطولة، وبقية الأدوار يوزعها على المقربين.. ما رأيك؟
لست معك في هذا الكلام، مثلا معك "السعيدة" والآن "المسيرة" ما شاء الله تنتجان أعمالاً رائعة ليس فيها شللية، وهذا العام دخلت الفضائية اليمنية المنافسة بأعمال قوية، أنا أتكلم عن الفضائيات اليمنية الثلاث.
وهناك شركات خاصة بدأت تنافس في هذا المجال، ومع ذلك لا أعتقد بوجود أي شللية في الدراما اليمنية.

اليوتيوب خدم كثيراً من الشباب الموهوبين
 بماذا تفسر لجوء كثير من المواهب والمبدعين إلى قنوات اليوتيوب لإنتاج أعمال درامية وكوميدية وغيرها؟ وهل برأيك أصبح اليوتيوب المتنفس الوحيد للمواهب المغمورة التي لم تحظ بفرصة إثبات موهبتها عبر القنوات الفضائية؟
أولاً، أنا أشجع كثيراً من المبدعين في اليوتيوب، والهدف منه هو الظهور، لأن القنوات الفضائية أعمالها موسمية في رمضان فقط، ومن الصعب أنها تحتضن كل الموهوبين، وعندما يلجأ الموهوب أو المبدع لليوتيوب فهو يعرف بنفسه ويقدم إبداعه، وأيضا يشاركه كثير من الشباب المغمورين ممن لم يحظوا بفرصة الظهور على قنوات التلفزة، ومن خلال اليوتيوب يتم اختيارهم للقنوات الفضائية، وبحكم أنه بدأ يظهر كثير من الشباب كمصطفى الشرعبي وفواز التعكري وشاكر الجماعي وربيع البحري الذين بدأوا في اليوتيوب واشتهروا، ولو كان أحد هؤلاء شارك في أي مسلسل تلفزيوني كان ممكن يأخذ دور كومبارس، لكنه الآن وهو يجتهد يصور ويخرج وينتج ويظهر، وبالتالي فإن اليوتيوب خدم كثيراً من الشباب الموهوبين.

"اليمنية" أفضل من "العربية"
 بكونك أبرز نجوم الدراما المحلية كيف وجدتها مقارنة بالعربية؟
الدراما اليمنية المحلية مقارنة بالإمكانيات المتاحة للقنوات العربية، أعتبرها في الصدارة، بل هي أنظف القنوات الفضائية، إذ يغلب عليها الحشمة، وكل الأعمال تعكس الواقع الذي نعيشه وتراثنا الاجتماعي وعاداتنا وتقاليدنا التي لا يمكن أن تخرج عنها.

مشاركات خارجية
 ماذا عن مشاركاتك الخارجية؟
شاركت في أعمال كثيرة، في مسلسلات في الإمارات والسعودية، وفي الصين شاركت في فيلم "خيري في الصين"، وشاركت في العراق بمسرحية "أحلام العصافير" وكانت من إخراجي وزميلي جميل اليريمي.
وأول عمل عربي لي كان في المسلسل الإماراتي "طائر حائر"، ومثلت فيه مع زميلي المرحوم عقلان مرشد الذي انتقل إلى جوار ربه الأسبوع قبل الماضي.
وشاركت أيضا في المسلسل العربي المشترك "هوامير الصحراء"، ثم بعدها شاركت في مسلسل "غشمشم" الذي تم إنتاجه في سوريا، وكان عملاً عربياً مشتركاً من مختلف الدول العربية، وكنت أنا من اليمن.
وأيضاً لا أنسى مسلسل "سوق الحراج" الذي تم تصويره في السعودية واستدعاني الفنان فهد الحيان لمشاركته دور البطولة على مدى 30 حلقة.

أفتخر بكل ما قدمته
 لكونك شاركت بأعمال كثيرة محلية وعربية، ما هي الأعمال الأقرب إلى قلبك؟
أفتخر بكل أعمالي، وبخاصة العربية، والتي سبق أن ذكرتها في إجابة السؤال السابق، وعلى مستوى اليمن أفتخر بجميع أعمالي، بدءاً من مسلسل "المهر" الذي لا أنساه، وكذلك "الثأر" و"نجوم الحرية" وسلسلة "شاهد عيان" ومسلسل "صابر" و"الحب والثأر" و"كيني ميني"، وآخر مسلسل لي "مخلف صعيب"، وأخرى لا أتذكرها، عموماً أفتخر بكل عمل قدمته.

أعمال مسرحية
 في بداية الحوار ذكرت أن بدايتك كانت في الكوميديا، هلا تطلع قراءنا على أبرز أعمالك المسرحية والنجاحات التي حققتها؟
شاركت في العديد من الأعمال المسرحية، أبرزها: "الحمار والمرأة" التي عرضناها في أكثر من دولة، ومسرحية "محمد محمود الزبيري" إخراج الأستاذ أحمد علام.
كما أخرجت كثيراً من المسرحيات، وشاركت في الكثير بمعية الزميل الدكتور فضل العلفي ويحيى سهيل وعلي الذيبة، وعملنا مسرحيات كثيرة.
و"القلاصات" كانت بيضة الديك للمؤسسة العامة للسينما والمسرح باعتبارها المسرحية الوحيدة التي أنتجتها المؤسسة.

مسلسلان جديدان
 جمهور الفنان الكبير يحيى إبراهيم متشوقون لمعرفة أعماله القادمة، فهل تطلعونهم عليها قبل أن ننهي اللقاء؟
لا يوجد لدينا رصيد في البنوك، ولكن لدينا رصيد كبير من الجمهور الذي يشجعني ويقف معي.
الأعمال القادمة إلى حد الآن مسلسلان، ولكن لن أذكر اسميهما، لأنه ممنوع علينا أن نذكر الأعمال التي سنقدمها.
 كلمة أخيرة..؟
كلمتي الأخيرة هي رسالة خاصة، أناشد فيها الجهات المختصة ومسؤولي الدولة والتجار ووزيري الثقافة والإعلام أن يبنوا لنا خشبة مسرح واحدة في صنعاء كي نربي أبناءنا عليها.
نحن نطالب بخشبة مسرح على الأقل سعة 300 أو 400 كرسي يتدرب عليها الشباب ونقدم المسرحيات تلو المسرحيات، فالفنان اليمني بحاجة لتوفير لقمة العيش، وهم يقولون لنا لديكم المركز الثقافي والجامعات، وهذه الأماكن ليست للمسرح، ومع ذلك كان لدينا مسرح قيد الإنشاء في المجلس الثقافي، ولكن توقف العمل فيه منذ سنوات.. أقول لحكومة "الإنقاذ" المسرح ثم المسرح ثم المسرح.
وفي الختام أشكر صحيفة "لا" وأشكر جمهورها وطاقمها المتميز.