«لا» 21 السياسي -
سويعات قليلة لا غير مرت على إعلان اكتشاف فيروس إمبريالي جديد سموه بمتحور «أوميكرون»، حتى تنفس الرئيس الأمريكي جو بايدن صعداء روائح البنزين والمازوت الرخيصة بعد شهورٍ من أزمة أسعار نفطٍ مرتفعة، وبعد أسابيعٍ من ترويج لوبيات الإعلام السعودي غربياً وعربياً لغبار مجابهة دونكيشوتية يخوض غمار طواحين براميلها النفطية ابن سلمان في مواجهة سيده سيد البيت الأبيض، واضعين سؤالاً في غاية الغباء وبمنتهى الرشوة: من ينتصر، بايدن أم ابن سلمان؟!
قد يكون هذا الفيروس المتحور المأجور هو مفتاح لعبة حظ جو بايدن لإعادة التموضع الأمريكي في العالم، كما كان فيروس «كورونا» هو مفتاح لعبة حظ دونالد ترامب، إلا أن هذا ليس له علاقة مباشرة بالإجابة على سؤال البطولة الكرتونية المذكور أعلاه.
يجيب الإعلامي اللبناني المعروف سامي كليب على هكذا تساؤل سفسطائي من ثقب عين ريال عبدالعزيز بن سعود، فيقول: «إن واشنطن تُدرك أن علاقاتها الصعبة مع إيران حاليا وتأثير لوبيات مصانع الأسلحة الأمريكية والبدائل الصينية والروسية في المنطقة والتهافت الأوروبي على أكبر اقتصاد عربي وأوسع سوق خليجية، المشاريع الفرنسية كبيرة مثلا، وحاجة إسرائيل والسعودية للانفتاح على بعضهما أكثر، الأولى لمزيد من الحضور عند العرب، والثانية لمشاريعها الاقتصادية والتكنولوجية المقبلة عند الحدود، خصوصا مشروع نيوم. ولأهمية اللوبيات في واشنطن كل ذلك لا يسمح لإدارة بايدن بمغامرة كبرى في السعودية، على الأقل حتى الآن، ذلك أن أي خطوة ناقصة قد توقعها في فخ كبير، وهو ما يجعلها تلعب على عامل الوقت وكذلك يفعل الأمير».
ويضيف كليب اللبناني الفرنسي الجنسية: «أما الفارق بين الرئيس الأمريكي والأمير السعودي فهو أن شعبية بايدن الداخلية تتراجع على نحو لم تعرفه شعبية أي رئيس أمريكي آخر وفق صحيفة «تلغراف» بينما شعبية ابن سلمان تزداد وكذلك مشاريعه، وصار من الصعب بالتالي، بل من المستحيل، على الأقل حتى الآن، الفصل بين ولي العهد والسعودية».
وبعد تقديمه لهكذا ركلات ترجيحية غير عادلة يصل كليب بحمار تحليله إلى مربط الفرس قولاً وفعلاً ليخلص إلى أن «الجميع يراهن على كيفية انتهاء حرب اليمن، وهو ما يعني أن وطيس هذه الحرب سيستعر أكثر في قادم الأيام، فعلى نتائجها قد تُرسم خطط كثيرة».
بمعنى أن نتيجة العدوان على اليمن هي التي ستحدد المنتصر: بايدن أو ابن سلمان. غير أن كليب، مثل غيره من كتبة البترودولار، يتجاوز قاصداً النتيجة الفعلية للعدوان، والمتمثلة في انتصار الشعب اليمني وهزيمة أمريكا وأدواتها البقرية ومرتزقتها من مشتقات الحليب السعودي واللبن الإماراتي.
تلك هي الحقيقة التي تضع كل البيض العدواني الفاسد في سلة صهيونية فاسدة واحدة. أما ما دار وما يزال من جدلٍ بيزنطيٍ بشأن من المنتصر فلا نريد أكثر من تصريحٍ من ابن سلمان يرد فيه على ما قاله عنه وفيه سيده بايدن من عقابٍ ونبذٍ وتجاهل ماثل وحاضر وليس عن كلام بايدن في الماضي، حين صرَّح ذات ليلة بأن السعودية «ليست سوى مجموعة من 500 أمير وعائلاتهم».
أما اللعب على ظنية وجود أمريكا الجمهورية وأمريكا الديمقراطية فظن آثم تنسفه مثلاً تصريحات الرئيس الجمهوري ترامب في سنة 2018 حين قال للملك السعودي: «إننا نحميك، وبدوننا قد لا تبقى هناك لمدة أسبوعين».