«لا» 21 السياسي -
نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية تقريرا لمراسلها مارتن شولوف أوضح فيه أن الملك سلمان لم يظهر منذ 20 شهرا، مما يعطي صورة أن ولي عهده بات يمسك بكل مقاليد السلطة.
يقول شولوف في تقريره إن ابن سلمان كان راضيا عن نفسه عندما وصل الحكام العرب إلى الرياض يوم الثلاثاء، وبدا كرجل يمسك بزمام الأمور، لدرجة أدت بمراقبي الشأن السعودي للقول إن التحول في السلطة الوراثية من الأب للابن قد حدث فعلا.
ويعرف من في واشنطن ولندن أن سلمان يعاني من الخرف الوعائي، ليقول مسؤول استخباراتي غربي: «إن ذاك مبرر لمحمد بن سلمان لكي يترك والده على الهامش».
إلا أن ثمة استدراكات لمشهد الصعود المزيف هذا، فمن باب فقدان أدوات القوة التي راكمها خلال الفترة الرئاسية لدونالد ترامب عاد ابن سلمان إلى تبني خيارات بني سعود التقليدية من خلال زياراته إلى الممالك والمشيخات الخليجية بحثاً عن التوافق والتضامن لناحية تثبيت ترشيحه لتولي العرش اتساقاً مع الرؤية الأمريكية لتوازنات المنطقة، وذلك بما يمكن توصيفه بالعودة إلى المربع الأول الذي شكل وما يزال المنطلق الأساسي لضمان الرعاية الأمريكية للأسرة السعودية الحاكمة، أي ما يمكن توصيفه بإعلان الولاء والالتزام الحرفي بمخططات الإدارة الأمريكية في المنطقة.
وفي قراءة لمشهد غياب سلمان وظهور ابنه المكثف مؤخراً تناولت الكاتبة السعودية المعارضة مضاوي الرشيد في مقال لها في موقع «ميدل إيست آي» البريطاني ما إن كان ابن سلمان قد قام فعلا بتغيير سلوكه بعد حملة دعائية قام بها لكسب الإعجاب والثقة به لدى المجتمع الدولي ومحليا.
وقالت إن «سياساته في المنطقة خلال السنوات الأخيرة ألحقت أضرارا جسيمة أورثت المملكة أعداء أكثر من الأصدقاء».
تضيف الرشيد أنه ومنذ مطلع عام 2021 تبنى ابن سلمان استراتيجية جديدة لمراكمة التأييد في حديقته الخلفية، فبدأ بإنهاء مقاطعة قطر والتواصل مع غيرها من دول مجلس التعاون الخليجية التي كانت قد نأت بنفسها عنه، فبدأ جولته الأخيرة في دول مجلس التعاون الخليجي بسلطنة عمان، البلد الذي طالما اتهمته وسائل الإعلام السعودية بتوفير معبر لتهريب السلاح إلى اليمن وتمكين الأسلحة من الوصول إلى أنصار الله، ألد أعدائه منذ عام 2015 بداية حربه على اليمن حيث من المحتمل أن تبقى الحرب مستنقعاً مزعجاً يستنفد الموارد السعودية ويفاقم عزلة الرياض دبلوماسياً، وحتى لو تم التوصل إلى سلام فسوف تستغرق جراح اليمن عقوداً حتى تبرأ، هذا لو قدر لها أن تبرأ، مما يترك السعودية في جوار عدو جريح بمحاذاة حدودها الجنوبية، ولذلك يحتاج ابن سلمان من أجل التخلص من شبح اليمن لأكثر من مجرد وقف دائم لإطلاق النار ومعاهدة للسلام.
على ذكر زيارة ابن سلمان إلى الدوحة فقد كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن قطر تتوسط في محادثات بين السعودية وتركيا لعقد اجتماع كان لا يمكن تصوره ذات يوم بين ابن سلمان والرئيس التركي أردوغان.
وقالت الصحيفة إن المسؤولين القطريين حاولوا دون جدوى جمع أردوغان وابن سلمان معا في الدوحة الأسبوع الماضي عندما كان يفرق يوم واحد بين مجيء ابن سلمان للدوحة ومغادرة أردوغان للعاصمة القطرية.
وذكرت المصادر أن المسؤولين القطريين يبحثون عن الوقت والمكان المناسبين لجمع الاثنين خلال الأسابيع المقبلة.
وسيكون هذا اللقاء لو تمّ الأول بين ابن سلمان وأردوغان منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي جابت لوحات تصف قاتله ابن سلمان بـ»المنشار» شوارع واشنطن الاثنين الماضي.
وبالعودة إلى زيارة المهفوف إلى قطر نشر مركز «ستراتفور» للدراسات الاستراتيجية والأمنية تقريراً يستشرف التهديدات المستقبلية التي قد تواجهها العلاقات بين الرياض والدوحة بعد الانفراجة الأخيرة التي أعقبت إنهاء الحصار على قطر.
وأوضح التقرير أن الرياض ستحاول الضغط على الدوحة اقتصادياً ودبلوماسياً وقد تعود إلى محاصرتها بالكامل أو حتى التدخل عسكرياً إذا لم تلتزم الدوحة بسياسة الرياض تجاه إيران وجماعات الإسلام السياسي وتحجيم وتلجيم الجزيرة، وقد تفعل كل ذلك وأكثر حال وصول إدارة أمريكية جديدة خلفاً لإدارة بايدن، سواء كان ذلك في عام 2024 أو 2028.
وأخيراً، كما تقول زكية الديراني في «الأخبار» اللبنانية فقد تحقق حلم ابن سلمان بانتقال قناة «العربية» من الإمارات حيث انطلقت عام 2003 إلى الرياض حيث ستتحول إلى محطة سعودية تتوجه للداخل فحسب بعد أن تسيطر عليها أخبار الطبقة الحاكمة هناك، حيث بدأت أولى نشراتها الإخبارية الأربعاء الماضي ببث تقرير مطول يُشبه الحملات الإعلانية عن مشروع نيوم.
وبعد قرار ابن سلمان وضع اليد على قنوات (mbc)، و»العربية» إحداها، كشفت الشبكة السعودية و(AGC studios) الأمريكية عن فيلم يعرض على (mbc) قريباً يحمل اسم «محارب الصحراء» تصور أحداثه في شمال السعودية وتحديداً بين تبوك ونيوم بميزانية قاربت 100 مليون دولار من إخراج البريطاني روبرت وايات، وبطولة السوري غسان مسعود والأمريكي أنتوني ماكي والبريطانية من أصل سعودي عائشة هارت، يتناول معركة ذي قار. ونزولاً عند رغبة الأمير المهووس بالقيادة ابتدع كاتب السيناريو شخصية «حنظلة» (أنتوني ماكي) وهو قاطع طريق بنكهة الفارس الشجاع وتصديه لإنقاذ آخر ملوك المناذرة وابنته الهاربين من أفخاخ رجال كسرى.
كما أعلنت جمعيات وشركات تابعة لابن سلمان عن تمويلها فيلم الأنيمشين السعودي الياباني «الرحلة» (2021 ــ إخراج كوبن شيزونو) الذي استحضر من كتب التاريخ قصة أبرهة الحبشي الآتي لهدم الكعبة واحتلال مكة المكرمة ليتصدى له رجل شجاع سلاحه «الإيمان» ضد «السواد القادم من اليمن»، يمن الإيمان الذي يشنّ عليه ابن سلمان وشريكه في فضيحة «الكمين» ابن زايد حرباً مدمّرة منذ سبع سنوات.