«لا» 21 السياسي -
أعدَّ الكاتب الصحفي جو جيل مقالاً نشره موقع «ميدل إيست آي» الإخباري البريطاني سلط فيه الضوء على أن النظام العالمي الذي تشكل بعد عام 1945 قد ينتهي قريباً في ظل انتشار النزعة الفوضوية الثنائية والقومية الشعبوية، مؤكداً أن العالم قد يشهد حروباً عالمية مع انتشار الأيديولوجيات العنصرية ووجود النزعة العسكرية الاستعمارية التي دفعت العالم نحو صراع شامل في أوائل القرن الماضي.
استهل الكاتب مقاله بالقول إنه ومع تصاعد التوترات بشأن تحركات القوات الروسية على الحدود الأوكرانية حذرت موسكو من أن أي توسع إضافي لحلف الناتو باتجاه الشرق ليشمل أوكرانيا وجورجيا سيُعد تجاوزاً خطيراً «للخطوط الحمراء».
كما أن مستوى التوترات في أوروبا الشرقية وغيرها من البؤر الساخنة في العالم، مثل تايوان، يشير إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار مع تخلي الولايات المتحدة عن دورها السابق بوصفها شرطي العالم.
وأشار المؤرخ نيال فيرجسون، في وقت سابق من هذا العام، إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان يضاهي انهيار الإمبراطورية البريطانية في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، مع زيادة عجز واشنطن عن التصرف بصفتها قوة عالمية على النحو الذي يُشبه عجز لندن قبل قرن مضى.
يشير المقال إلى أن بريطانيا ما بعد البريكست (خروجها من الاتحاد الأوروبي) المنفصلة حالياً عن الاتحاد الأوروبي تقترب حالياً أكثر فأكثر من «إسرائيل»، التي تعد صديقاً مقرباً وحليفاً عسكرياً لجميع الحكومات القومية اليمينية في أوروبا.
ويضيف المقال أنه منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخابات 2019 عززت المملكة المتحدة علاقاتها العسكرية مع الكيان الصهيوني بعد شراء نظام استهداف عن بعد بقيمة 137 مليون دولار للجيش البريطاني ولأول مرة منذ عام 1948 حلقت طائرات سلاح الجو الملكي فوق فلسطين المحتلة، وتعاقدت بريطانيا أيضاً مع شركات تصنيع الطائرات «الإسرائيلية» من دون طيار (أنظمة إلبيت) لتنفيذ دوريات على الشواطئ البريطانية ضد اللاجئين الفارين من الاضطهاد والحروب والعقوبات المدعومة من الغرب في «الشرق الأوسط».
وخلال الأشهر الثمانية عشر الماضية اندلعت حرب في القوقاز مع تركيا والكيان، مما منح أذربيجان التفوق العسكري على عدوها أرمينيا، كما تصاعدت الحرب الأهلية في إثيوبيا، وشهدت اليمن تصعيداً لأعمال العنف في الحرب عليها والتي طال أمدها، بينما تبدو الجزائر في شمال أفريقيا على أهبة الاستعداد للدخول في مواجهة مع المغرب الذي شجعه تحالفه العسكري المتزايد مع كيان الاحتلال.
أما هيكل ما بعد الحرب الخاص بالأمم المتحدة والناتو والتعددية فقد تم تجاوزه لصالح تحالفات مرحلية مثل اتفاقية «أوكوس» الأمنية التي تشكلت مؤخراً بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، والتي تهدف إلى احتواء الصين الصاعدة. ومن غير الضروري أن تكون الحرب الباردة بين الصين والغرب أكبر مصدر للصراع المحتمل، بل إن الصراعات المحلية يمكن أن تتصاعد في ظل غياب قوة مهيمنة قوية أو عدم وجود تحكيم دولي لاحتواء الاضطرابات.
ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن العقد الحالي لديه كل المقومات التي تجعله يكتب نهاية عصر النظام العالمي ما بعد عام 1945.