«لا» 21 السياسي -
أتذكر تعليقين رياضيين متعلقين بفوز منتخب اليمن بكأس بطولة غرب آسيا للناشئين بتغلبه في المباراة النهائية على المنتخب السعودي على أرضه بملعب محمد بن فهد في الدمام، وبين جمهور المغتربين اليمنيين هناك، وتحت أنظار ملايين اليمنيين في الداخل. التعليقان يحملان دلالات هامة تتجاوز وصف المباراة إلى توصيف عقلية بني سعود بشأن اليمن، ويلخصان ربما بعضاً من طريقة تفكير تلك العقلية تجاه اليمنيين.
التعليق الأول ورد على لسان المعلق السعودي توصيفاً لسيطرة لاعبي المنتخب اليمني على مجريات اللعب، ويقول: «احذروا! لو تحرر اليمني فلن يوقفه أي شيء عن الانتصار». أما التعليق الثاني فجاء وصفاً لخسارة المنتخب السعودي، ومن طرف مدرب ذلك المنتخب، ونصه: «اللاعبون اليمنيون أكبر من لاعبينا، هذا واضح». من الدلالات الممكن قراءتها خارج سياق لعبة الكرة إنما داخل مجريات الأرض، فلن يعجزك القفز من التحذير في بداية التعليق الأول إلى الوقوف على محاذير السعودي من خسارته المحتومة أمام اليمني الذي إن ظفر بالتحرر سيحظى بالانتصار، فيما لن يوقفك الشعور بصلف وكِبر صاحب التعليق الثاني عن الإحساس بحقيقة ذاتك اليمنية الممتلئة في مواجهة فراغ طفرة نجدٍ ذاك وخواء دوللي النفط تلك. ويعلق أحد ظرفاء صنعاء على ما ورد في كلام المدرب السعودي قائلاً: «نحن مستعدون لإخضاع لاعبي منتخبنا لاختبار تحديد السن، بشرط، أن يخضع لاعبو المنتخب السعودي في المقابل لفحوصات الـDNA».
السعوديون وحتى اللحظة غير مصدقين أن اليمنيين تحرروا منهم، وأنهم ولوحدهم فقط ولا غير قد انتصروا عليهم ومرغوا أنوفهم وأفرغوا كِبرهم وتكبرهم وأعلنوا استقلالهم الناجز والأبدي عنهم. ولذلك فإنهم (أي السعوديين) لا ينفكون لوهلة عن إسناد هزيمتهم إلى الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ولا يتوقفون لبرهة عند التسليم بحقيقة انقضاء أجلهم وانتهاء عجرفتهم في اليمن بأيدي وأقدام ودماء اليمنيين أنفسهم. انتقضت عقود وصايتهم وتمزقت كشوفات لجانهم وتمزعت شيكات مرتزقتهم، وبمرور سبع سنوات من تجرعهم لعلقم هكذا واقع ينتفي تكذيبهم له وتبريرهم لأنفسهم باستدعاء ذكرى وصاية عشرات الأعوام بالخونة والمرتزقة والعملاء.
الغطرسة السعودية ليست وليدة العدوان على اليمن، ولم تكن محصورة فقط باتجاه اليمنيين. يحدث ذلك مع مشيخات الخليج ولبنان والعراق ومصر وباكستان وغيرها.
بالمناسبة، وعلى ذكر باكستان، ومن مالكي إلى مالكيٍ آخر، فقد عبّر سعوديون عن غضبهم على شبكات التواصل الاجتماعي بعد انتشار صورة للقاء جمع سفير السعودية في باكستان نواف المالكي مع وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود القريشي، ووصف البعض الصورة بأنها «مهينة».
وانتشرت مقاطع فيديو وصور من اللقاء أظهرت الوزير القريشي يضع رجلاً على الأخرى باتجاه المكان الذي كان يجلس فيه السفير السعودي.
ويُظهر الفيديو، الذي عرض لقطات متفرقة من اللقاء، أن وزير الخارجية الباكستاني أبقى قدمه لوقت مرفوعة باتجاه السفير السعودي.
حساب السفارة السعودية في باكستان كان قد نشر الفيديو؛ لكن أجرى عليه تعديلاً؛ إذ جعل اللقطات تبدو أقرب، وأخفى بذلك قدم الوزير الباكستاني.
مغرّدون على موقع «تويتر» اتهموا أيضاً الوزير القرشي بأنه تعمد الجلوس قبالة سفير السعودية بهذا الشكل، وتداولوا صوراً للوزير الباكستاني خلال لقاءاته بسفراء من دول الخليج، ولم يكن خلالها يجلس كما جلس قبالة السفير السعودي.
يحدث ذلك -وبغض النظر عن قصد الوزير الباكستاني- لأنه باكستاني فقط في عيون السعوديين، الذين تعاموا عن إهانات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بحقهم وبحق حاكمهم سلمان، الذي يقرفص ولي عهده منذ عام بجانب سماعة الهاتف منتظراً مكالمة واحدة فقط ولا غير من ولي أمره الحالي حاكم بيت أمريكا الأسود جو بايدن.