خاص - دمشق / أحمد رفعت / لا ميديا -
لاتزال العملية الهوليوودية الجديدة التي نفذتها القوات الأمريكية، وأعلنت في نهايتها أنها قتلت زعيم تنظيم "داعش" "عبدالله قرداش" الذي انتحل اسم "أبو إبراهيم القرشي" رغم أنه من أصل تركماني عراقي، لاتزال العملية تحمل الكثير من الأسرار والأهداف والتفاصيل، والتساؤلات حول زمان ومكان العملية وأسبابها.
في اتصال لـ"لا" مع نشطاء وفعاليات محلية في المنطقة حصلنا على معلومات هامة ينشر بعضها لأول.
ففي تفاصيل العملية، قالت المصادر إن عملية الإنزال تمت الساعة 1 ليلاً بواسطة 5 طائرات أباتشي أمريكية وحوالي 10 طائرات مسيرة، قرب بلدة "أطمة" التي تبعد فقط 7 كم عن الحدود التركية في محافظة إدلب، شمال غرب سورية التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة"، وهي نفس المنطقة التي قتل فيها زعيم تنظيم "داعش" السابق أبو بكر البغدادي.
وتضيف المصادر أن الإنزال تم بتنسيق مسبق بين القوات الأمريكية وهيئة تحرير الشام التي قامت بتهيئة المكان للعملية بإغلاق المنطقة وإقامة طوق أمني في دائرة واسعة، بعدها أجرت القوات الأمريكية عملية الإنزال على المنزل الذي يتواجد فيه القرشي وحدثت اشتباكات مع الحراس، كما أصيبت إحدى طائرات الأباتشي التي قاموا بتفجيرها قرب بلدة جنديرس التي تحتلها القوات التركية، بعد فشلهم في سحبها باتجاه قاعدة للأمريكيين في عين العرب شمال حلب، ونتج عن العملية مقتل القرشي، وعدد من عناصر الحراسة وطفلين للقرشي وزوجته ونجا 3 من أولاده.
وتتساءل المصادر عن السر وراء تواجد زعماء "داعش" وغيرهم من قادة التنظيمات الإرهابية في منطقة يتواجد فيها أكبر عدد للتنظيمات الإرهابية ومن أجهزة الاستخبارات الدولية رغم أن مجال عمل هؤلاء القادة وتنظيم "داعش" تحديداً في كامل المنطقة وفي دول عديدة. 
وتشرح الوضع في المنطقة، وتؤكد أن الحدود السورية التركية هي برعاية مباشرة من الاستخبارات الأمريكية والتركية إضافة إلى البريطانية والفرنسية والألمانية و"الإسرائيلية"، وفيها منظومات مراقبة شديدة الحساسية والدقة ومنظومات اتصالات وتشويش، وتنشط فيها المنظمات التي تأخذ صفة العمل الإنساني، بينما هي مقرات استخباراتية تأخذ البيانات والدراسات عن المنطقة ومجتمعاتها وبخاصة عن الشخصيات التي تتم مراقبتها.
وتضيف أن كل شخص في المنطقة معروف من هو، ومن أرسله، ومن يقوم بحمايته، وإلى أي تنظيم ينتمي، وتكوينه وتكوين أسرته، ويعرفون حتى نوع طعامه المفضل، ولذلك هم يعرفون كل التفاصيل عن مكان إقامة زعيم تنظيم "داعش"، ويعرفون كل أوصافه والمنزل الذي يسكنه، ويسكن فيه أيضاً في الطابق الذي يعلو مسكنه قائد من الإرهابيين الشيشان تُشغله تركيا، وهذا يؤكد أن القرشي عندما يذهب للسكن في تلك المنطقة، يعني أنه سيكون برعاية مباشرة من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والتركية، حتى يحين موعد حاجتهم له لتحقيق انتصار إعلامي أو لاستثماره في مجال آخر.
وهنا تتساءل المصادر عن سر كون المنطقة هي الأكثر أمنا للأمريكيين ومن معهم، حيث لم نسمع عن عملية واحدة ضدهم ولم يتم استهداف أي عربة أو جندي أمريكي، رغم أنها أكثر المناطق احتواء للإرهاب وللتنظيمات الإرهابية بكافة أنواعها وانتماءاتها وولاءاتها.
وفي سؤال حول وجود أي ترابط بين أحداث سجن غويران في الحسكة ومقتل زعيم تنظيم "داعش"، أجمعت المصادر على وجود ترابط وثيق، لأن أمريكا وإدارة بايدن تحديداً بحاجة ماسة لعمل دعائي خصوصاً بعد الصورة السلبية التي تركتها عملية الانسحاب من أفغانستان، ولإخضاع الحلفاء التابعين للقوات الأمريكية ولإيصال رسالة بضرورة الوجود الأمريكي حتى لا يعود تنظيم "داعش". 
وما جرى يؤكد أن "الدواعش" المحتجزين عند الأكراد "قسد" هم محتجزون للاستثمار وليس للعقاب، فهم أطلقوا 800 "داعشي" في دير الزور، بالتزامن مع إطلاق الدولة السورية عمليات المصالحات التي فاجأت الأمريكيين و"قسد" في محاولة لإفشالها. 
كما تؤكد المصادر أن (الفيلم الهوليوودي) لأحداث سجن غويران كان مقدمة لمخطط آخر، حيث تم نقل قادة الصف الأول والثاني من تنظيم "داعش" بالحوامات الأمريكية إلى قاعدة التنف الأمريكية، داخل الحدود السورية قرب المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، أما عناصر "داعش" الذين تم تهريبهم بشكل منظم من سجن غويران، والعناصر الموجودون في مراكز احتجاز قرب مدينة الشدادة حيث توجد قاعدة أمريكية، فيتم نقلهم إلى منطقة تسمى "فويضة بوموينع" التي تقع على بعد 90 كم جنوب شرق مدينة الميادين في محافظة دير الزور، وهذه المنطقة قريبة من الحدود العراقية ومفتوحة عليها، حيث أقيمت لهم معسكرات شديدة الحراسة ومحمية ضد الطيران من القوات الأمريكية وهناك يتم تدريبهم وتعبئتهم نفسياً وعسكرياً ولوجستياً قبل إطلاقهم في البادية السورية وقرب الحدود السورية العراقية أو بتكليفهم بمهام محددة من قبل الأمريكيين.
وتكشف المصادر أن والي التنظيم وقائد عمليات "داعش" في البادية هو أمريكي اسمه "زلفي هوكسا" ويلقب بـ"أبو حمزة"، وهو من مواليد 1992 في مدينة أتلانتا سيتي الأمريكية، وكل تنقلاته وتحركاته تتم برعاية أمنية ولوجستية أمريكية كاملة.
وتؤكد أنه يتم حالياً تجهيز مناطق ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي والغربي لإحداث تفجيرات وانفلات أمني كبير بحجة هروب عناصر من "داعش" من الحسكة وتغلغلهم في المنطقة، وبسبب الاشتباكات والتناحر بين الفصائل المسلحة والتابعة بمعظمها إلى تركيا بالإضافة إلى "قسد"، التي تعمل بأوامر أمريكية، والهدف من ذلك جعل المنطقة مشتعلة أمنياً بانتظار المخلِّص الذي سيكون -بحسب المخطط الأمريكي- "هيئة تحرير الشام" التي ستنهي الفلتان الأمني والخلافات الموجودة بين الفصائل المسلحة، وإجبار هذه الفصائل على الانضواء تحت إمرتها لتصبح هي الحاكمة في إدلب وأرياف حلب الشمالية والشمالية الشرقية والغربية، بالإضافة الى ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، يتم بعدها تقاسم المنطقة بين "قسد" و"هيئة تحرير الشام"، وجرى التمهيد لهذا التعاون من خلال اتفاق بين "قسد" و"النصرة"، برعاية أمريكية تركية، تقوم بموجبه "قسد" بتزويد "هيئة تحرير الشام" بالنفط بقيمة تعادل 150 ألف دولار.
بعد ذلك -تضيف المصادرـ سيتم الإعلان عن حكومة مع مؤسسات مدنية وأمنية تتبع لـ"هيئة تحرير الشام"، التي يجري تلميع صورة قائدها الإرهابي "أبو محمد الجولاني"، وسيتم تغيير اسمها وإعطاؤها اسماً جديداً غير موجود على قوائم الأمم المتحدة للتنظيمات الإرهابية، وتقوم بعدها بإعلان قوانين وترتيبات لإعطائها الصفة المدنية والمنفتحة، وسيوكل لها مهمة تنفيذ اتفاق "سوتشي" بين الرئيسين الروسي والتركي، ومنها فتح طريق حلب اللاذقية (M4).
ما كشفته المصادر يؤكد أننا أمام فيلم هوليوودي أمريكي من عدة حلقات بدأ في سجن غويران، واستمر مع مقتل زعيم تنظيم "داعش" "عبدالله قرداش" ومتواصل بين قاعدة التنف وفويضة بوموينع والبادية السورية، بانتظار المشاهد المقبلة من هذا الفيلم الأمريكي الطويل.
مع ملاحظة مهمة وهي أن ما يقوم به الأمريكيون والبريطانيون والأتراك ومن خلف الستار "الإسرائيليون" لا يتم في الفراغ، لأن هناك أطرافاً أخرى حيث توجد القوات السورية والرديفة، والمستشارين الإيرانيين، والقوات الروسية، وهناك أيضاً غرفة عمليات للمقاومة التي تراقب وتتخذ القرارات، وبيدها أمر تنفيذ العمليات التي تراها مناسبة، وأهمها مهمة إخراج الأمريكيين من سورية والعراق وكامل المنطقة، في حرب شرسة وصراع إرادات، من سينتصر فيها سيحكم كامل المنطقة لقرن مقبل من الزمن على الأقل.