تقرير/ بشرى الغيلي / لا ميديا -
منذ بدء الحرب وأسواق اليمن تدخلها البضائع المنتهية الصلاحية، وغير الصالحة للاستخدام الآدمي، كذلك تكون مجهولة المصدر وتخلو من تاريخ إنتاج وانتهاء، مما يعرض حياة المواطنين لأمراض صحية خطيرة في ظل الوضع الصحي المتدهور، وما قامت به مؤخراً الإدارة العامة لوقاية النباتات من ضبط 13 طنا من التمور الفاسدة قادمة من السعودية ُعد عملاً هاماً وخطوة جبارة في ظل التخفيف من تدفق البضائع المنتهية ممن جعلوا أسواق اليمن مكباً كبيراً لكلِ من هب ودب، المزيد من التفاصيل ضمن السياق..

تفعيل الإجراء
في إطار متابعتها وحفاظها على صحةِ وحياةِ المواطنين، ضبطت الإدارة العامة لوقايةِ النباتات بوزارةِ الزراعة والري 13 طناً من التمورِ الفاسدة كانت قادمة من السعودية، وأوضح لصحيفةِ «لا» في تصريحٍ خاص المهندس هلال أحمد الجشاري، مدير عام وقايةِ النباتات، وأن «الشحنات التي تم ضبطها هي عبارة عن شحنتي تمور، وتمكنت الإدارة بمساندة وحدة مكافحة التهريب من ضبط الشحنتين من التمر، الأولى مصابة بحشرات ودود وسوس، والثانية بعد فحصها في مختبر الأثر المتبقي وجد المختصون ظهور الأثر المتبقي للمبيدات، والشحنة الأولى كانت مستوردة ليتم توزيعها «كفطور صائم» بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، كما أكد لنا مالكها وكما هو واضح وظاهر من العبوات أنها صغيرة معبأة في أكياس بلاستيكية للتوزيع الفردي. ويعتبر فحص الأثر المتبقي الذي تم تفعيله مؤخرا في الإدارة العامة لوقاية النبات لفحص كل الشحنات النباتية الواردة، إجراء احترازياً يتم العمل به حالياً في عموم المنافذ الجمركية حفاظاً على سلامة وأرواح المستهلكين. ونحن في الإدارة العامة لوقاية النبات نسعى جاهدين لتفعيل هذا الإجراء حفاظاً على سلامة المجتمع والصحة العامة، خصوصاً أننا نتعرض لعدوان غاشم يستهدف اليمن أرضاً وإنساناً».

منذ ستة أشهر بدأنا تنفيذ فحص الأثر المتبقي
في ظل السوقِ المفتوحة تدخل بضائع إما منتهية الصلاحية أو مهربة، ويكون ضحيتها المواطن، طرحت «لا» ذلك للمهندس هلال الجشاري، ما إذا كان يتم فحصها هي الأخرى قبل نزولها إلى السوق، أو أنها لا تخضع للرقابة، فأوضح بالقول: «نحن عمدنا إلى تفعيل هذا الإجراء مؤخراً، ومنذ منتصف العام الماضي 2021 تم فحص أكثر من 1000 شحنة واردة؛ منها ما تمت مصادرته، ومنها ما لايزال محرزاً عليه، هناك حوالي 11 منفذا في المناطق المحررة، وتوجد فيها فرق الزراعة ومختصون عن الحجر النباتي والمبيدات بالإدارة العامة لوقاية النباتات يعملون على تفتيش وفحص الواردات النباتية والمبيدات».
وتأسف أنه خلال الفترة الماضية كانت شحنات كثيرة وبكميات كبيرة تدخل البلاد بدون فحوصات الأثر المتبقي للمبيدات، رغم أن هذه الفحوصات كانت تتم على الصادرات فقط، مضيفاً: «بالتالي كان لزاما علينا، أن يتم فحص المنتجات الواردة إلى أسواقنا من الخارج، خصوصاً أن هناك من يستورد بعض المنتجات من دول العدوان،  وبناء على هذه الأولوية، تم تفعيل هذا النوع من الفحوصات منذ أكثر من 6 أشهر وفق أعلى المعايير الدولية وبأحدث الأجهزة المتخصصة بهذا النوع من الفحص».

الجمارك سمحت بدخولها
الإجراء الذي اتخذته الإدارة العامة لوقايةِ النباتات وتفعيل الفحص لأي شحنة قادمة من خارج اليمن يوقف العبث بأرواح وحياة المواطنين التي يدفعون ثمنها باهظا من صحتهم، إلا أن شحنة التمور الفاسدة التي تم ضبطها وصلت للعاصمة، عن كيفية دخولها قبل الفحص أوضح الجشاري: «الإشكالية أن الإخوة في الجمارك يقومون بالإفراج عن الشحنات دون الرجوع إلى فريق الزراعة، وتعذروا بأن عدم الإسراع في الفحوصات من شأنه أن يتسبب بتراكم الشحنات في المنافذ، وحددوا يومين لبقاء الشحنات في المنافذ لاستكمال إجراءاتها من قبل الجهات المختصة، وإلا سيفرجون عنها، وهذا لا يكفي لأدنى فحص، وبحكم أن المنافذ الجمركية تقع تحت سيطرة الجمارك، فهي المسؤول الأول على كل الفرق المتواجدة من الجهات ذات العلاقة، فكان يتم الإفراج مباشرة ولا يستطيع مندوبونا توقيفها، وهذا التجاوز يتم رغم أن القانون واضح، وينص على أنه لا يحق لأي جهة في أي منفذ الإفراج عن أي شحنة نباتية أو مبيدات قبل خضوعها للتفتيش من فريق الزراعة المختص والمتواجد في المنفذ، وأخذ عينات وفحصها في المختبرات المركزية».

منعوا فريق الزراعة من أخذِ العينات
يواصل الجشاري حديثه لـ«لا»: «للأسف وصلت الجرأة بالجمارك إلى منع فريق الزراعة من أخذ العينات، وحرصاً منا على تطبيق القانون الذي يختص به الحجر النباتي في إجراء التفتيش والفحص من قبل المختصين في الحجر النباتي، ومختبرات الأثر المتبقي للمبيدات، ومنها هذه الشحنات التي ظهر أنها تحمل الكثير من الأضرار الصحية سواء بما تحتويه من دود وحشرات حجرية أو الأثر المتبقي للمبيدات.. ونتيجة لتعنت الجمارك تواصلنا مع الإخوة في مكافحة التهريب ومدير العمليات المركزية، وكان تعاونهم معنا مشكوراً في القيام بضبط الشحنات التي تدخل عبر المنافذ دون أن تحمل ما يثبت خضوعها للفحص والتفتيش من قبل الفريق الزراعي وترحيلها إلى الإدارة العامة لوقاية النباتات، ونتائج الاتفاق أنه تم ضبط حوالي 300 شحنة خلال الأيام الثلاثة الماضية، بالرغم من ذلك قمنا بالجلوس مع مصلحة الجمارك، ولكن بلا نتائج،  والمشكلة لاتزال قائمة، وجار مخاطبة الجهات العليا بذلك، وفي انتظار التوجيهات، والأمل أن يتم سد الفجوة الموجودة، والعمل وفق إجراءات ملزمة للطرفين».
وعن الآلية التي من شأنها العمل على تطبيق ما ينص عليه القانون وضمان توفير السلامة الصحية وحماية المستهلك، يقول: «نحن حالياً نتحمل أعباء وتكاليف إضافية، كما أن هناك ما يقارب 150 شحنة من الواردات النباتية تم الإفراج عنها من قبل مصلحة الجمارك، منها شحنة «التفاح المستورد» التي تم ضبطها بمحافظة صعدة، وقد دخلت البلد دون الرجوع إلى جهة الاختصاص، وهي الإدارة العامة لوقاية النباتات، وفق ما يخول لها القانون، أهم إجراء هو تفعيل فحص الأثر المتبقي للمبيدات الذي أظهر فضائح كبيرة تمثل ربما أغلب أسباب تفشي أنواع السرطانات وإصابة الأعداد الهائلة من المواطنين بهذه الأمراض الفتاكة».

ستتم مصادرتها رسمياً
بما أن الشحنة الفاسدة التي تم ضبطها لاتزال محرزة لدى الإدارة العامة لوقايةِ النباتات بوزارةِ الزراعة، وعن كيفية التخلص أكد الجشارى: «مصادرتها ستتم رسمياً لمزارع الأبقار والخيول أو حرقها والتخلص منها في حال اتضح أنها قد تؤثر على الحيوانات أيضا، وبالنسبة لشحنات التمور إذا وجد أثر متبق للمبيدات فيها، فلا بد أن تخضع لفترة تتراوح ما بين شهر إلى شهرين، ونحن الآن على أبواب الشهر الكريم، هذا إذا كان الأثر المتبقي من المبيدات بسيطاً، أما إذا كان «الفبرونيل» زائداً، فهذا خطير جداً وقد يتم إتلاف الشحنة، وهذه الشحنة التي تم ضبطها كما سبق ذكرها ظهر فيها الفبرونيل، وهي مادة سميتها عالية، ولها تأثيرات على الإنسان والحيوان والنحل، وقد تم منعها رسميا منذ العام الماضي، وإلغاء الكثير من الطلبات عليها، وإلغاء ملفات تسجيلها لثبوت سميتها العالية وتأثيرها القوي، ونعمل على تكثيف الرقابة في هذا الجانب من خلال التواصل مع فرق الزراعة بالمنافذ ومكافحة التهريب وكل المعنيين بالعاصمة وبالمحافظات».

تكثيف الرقابة
وختم المهندس الجشاري بالقول: «نعمل حالياً على تكثيف الرقابة بالتنسيق مع كافة النقاط، والمداخل للمدن، وسيتم ترحيل أي شاحنة لا تحمل مذكرة إفراج من قبل الزراعة، وشهادة الفحص من المختبرات، ويتم التركيز في هذه الفترة على منتج التمور، لأننا قادمون على موسم كبير. يتمثل في حلول شهر رمضان الكريم، وكمية استيراده للتمور والمواد الأخرى تكون بشكل كبير».