لا ميديا -
من خواص وثقاة أمير المؤمنين علي عليه السلام، فهو حامل سرّه، ولطالما كان يردفه على راحلته، ويحدثه بأمور لم يُطْلع عليها أحداً غيره.
كان شريفاً مطاعاً في قومه، وكان من أجلاء علماء وعقلاء ونسّاك وفضلاء أوانه. شهد مع أمير المؤمنين واقعة صفّين.
قال كميل: «كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة، ومعه جماعة من أصحابه، فقال بعضهم: ما معنى قول الله عز وجل: {فيها يفرق كل أمرٍ حكيم}؟ قال عليه السلام: ليلة النصف من شعبان، والذي نفس عليٍّ بيده إنه ما من عبدٍ إلا وجميع ما يجري عليه من خير وشر، مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة، في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام إلا أجيب له. فلما انصرف عليه السلام طرقته ليلاً فقال: ما جاء بك يا كميل؟ قلت: يا أمير المؤمنين، دعاء الخضر! فقال: اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء، فادعُ به كل ليلة جمعة، أو في الشهر مرة، أو في السنة مرة، أو في عمرك مرة، تُكفَ وتنتصر، وتُرزق، ولن تعدم المغفرة. يا كميل، أوجب لك طول الصحبة أن نجود لك بما سألت. ثم قال: اكتب: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شي‏ء... إلى آخر الدعاء».ولما ولي الحجاج، طلب كميل بن زياد فهرب منه، فحرم قومه عطاءهم، فلما رأى كميل ذلك قال: أنا شيخ كبير وقد نفد عمري، ولا ينبغي أن أحرم قومي عطاءهم، فخرج فدفع بيده إلى الحجاج، فلما رآه قال له: لقد كنت أحب أن أجد عليك سبيلاً. فقال له كميل: لا تصرف عليَّ أنيابك ولا تهدم عليَّ، فو الله ما بقي من عمري إلا مثل كواسر الغبار، فاقضِ ما أنت قاضٍ، فإن الموعد الله، وبعد القتل الحساب، وقد خبرني أمير المؤمنين عليه السلام أنك قاتلي. فقال له الحجاج: الحجة عليك إذَن. فقال له كميل: ذاك إذن كان القضاء إليك؟! قال: بلى، قد كنت فيمن قتل عثمان بن عفان! اضربوا عنقه، فضرب عنقه.
كان استشهاده سنة 83 هجرية عن تسعين سنة، وقبره الآن في الثوية ما بين النجف والكوفة.