طلال سفيان / لا ميديا -

الابن.. جهاد وفنون قـتال
لحظة مقابلة نجم ومدرب لعبة الكونغ فو الكابتن منصور لوزة، وقف يوسف صلاح الدكاك مندهشا ويساوره قليل من الخجل. "أشتي أشوف بروس لي". هكذا دائما يردد الطفل البالغ 4 سنوات الكلمة على والده الذي زرع في وجدان طفله حب التايكواندو والألعاب القتالية. كما تابع مع والده مسلسل "الأسطورة" عن قصة أسطورة الكونغ فو الصيني بروس لي.
كانت صالة صغيرة في نادي صنعاء الترفيهي يوم السبت قبل الماضي، برفقة الزميلين عبدالرحمن صدقي وأنور عون، ليبدأ بعدها يوسف التقاط صور مع نجم اللعبة منصور وولديه البطلين كريم ولؤي، ثم كانت عروض البطلين الصغيرين، تبعتها حركات أولى ليوسف مع هذه اللعبة وبكل مرونة.
هل تراقب انسيابية الماء في الأنهار والجداول؟ هل تلاحظ مرورها من أضيق الممرات؟ هل تلاحظ انسيابها أثناء الاصطدام بالصخور؟ هذا ما تعنيه المرونة منذ البداية حتى النهاية ببساطة كما وصفها "بروس لي" في هذه المقولة، أي الوصول لهدفك مهما كان الأمر.
كما يقول أسطورة فن الدفاع عن النفس وفيلسوفها: "لا أخشى الشخص الذي تدرّب على ألف ركلة؛ ولكني أخشى الشخص الذي تدرب على ركلة واحدة ألف مرة". وهذا ما فعله يوسف صلاح الدكاك وهو يقوم بحركات الركل والمواجهة أمام "بروس لي اليمن"، الذي أكد أن يوسف مع التدريب لمدة عامين سيكون بطلا للجمهورية في فئته العمرية.
سألته: يوسف، تشتي تكون لاعب تايكواندو؟ أجاب: "أشتي أكون مجاهد، وبعدين ألعب تايكواندو" وألحقها بابتسامة.
كان لنا مع البطل يوسف موعد ثان، وهذه المرة الخميس الماضي في معهد صنعاء للكاراتيه، ولقاء بخبير اللعبة الكابتن عدنان الريمي. كانت المفاجأة إهداء المدرب والخبير لبطلنا الصغير بدلة تايكواندو وميدالية ذهبية، إلى جانب حديث الذكريات عن الألعاب ونجومها القدامى.
يومها واجه يوسف أحد مواهب اللعبة في المعهد، وتدرب مع الريمي، وأيضا زحف على ظهره وبطنه مع أقرانه المتدربين من المواهب الذين يكبرونه سنا، وسط أنظار والده وبإعجاب شديد.

الأب.. كسر العقدة
لا يتعامل الرفيق صلاح الدكاك مع آخر عنقوده يوسف كأب، بل كصديق، كما لاحظت، وقالها لي أيضاً.
في صالة الكونغ فو كان الأمر مفاجئا لي: ما زال صلاح محتفظا بالمرونة والمهارات وهو يؤدي الحركات القتالية التي شربها من التايكواندو، رغم ذكرياته الدائمة لممارسته هذه اللعبة مع المصطلحات.
لعب صلاح في الثمانينيات مع فريق تايكواندو أهلي تعز، تحت إشراف المدرب محمد إسحاق (حاليا مدرب وخبير وحكم دولي في مقر الاتحاد الدولي للتايكواندو بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول). وكان رفيق محمد الطولقي و"طه جاكي شان"، وتلقى إصابة بليغة في الفم أثناء مباراة أمام لاعب من نادي الشرطة في بطولة كأس الصناعة عام 1991 على ملعب كرة السلة الأسمنتي بميدان الشهداء، وسط هتافات جمهور الأهلي التعزي الساخرة من إغمائه لأنه لاعب صقراوي، النادي غير المحبب لجمهور الجحملية.
يتذكر ناشر ورئيس تحرير "لا" كيف أخفى أمر إصابته عن والده حينها، وطلب من أحد أفراد أسرته أن يلاقي المدرب محمد إسحاق واللاعب محمد الطولقي ويعتذر لهما ويطلب منهما الرجوع عن زيارتهم له في منزله حتى لا يعرف والده. كما يتذكر لحظة قدوم كمال عويض، أمين عام اتحاد التايكواندو، إلى تعز لسحب أحزمة لاعبي أهلي تعز. كما لا ينسى لحظة إحراق والده بدلة التايكواندو الخاصة به، خوفا عليه من إهمال تحصيله العلمي. أيضا يتساءل صلاح دوماً عن بطل الجمهورية محمد المرسي... وأنا لا أعرف!
إبان الوحدة أدى الدكاك الخدمة العسكرية في أحد معسكرات مدينة عدن، وهناك قام لفترة وجيزة بتدريب التايكواندو، التي كان نظام الدولة في الجنوب قبل الوحدة يمنع تدريبها للمدنيين، وجعلها فقط في المعسكرات. ليس غريبا على هذا الصحفي الكبير عشقه للرياضة، فقد تولى منصب الأمين العام المساعد بنادي أهلي تعز قبل أن يترك المنصب لانشغاله.
صلاح الدكاك حكاية في الملعب، عاشق للرياضة، زاول كرة القدم في حواري تعز، متعصب لشياطين الحالمة (أهلي تعز)، ونجم سابق في التايكواندو، الرياضة الأسمى التي يريد أن يراها في صديقه يوسف، وأن يحقق الابن ما لم يحققه الأب مع الرياضة، وبالذات في التايكواندو.