«الزمن الجميل».. هـــل كـــان جميــــلاً حقـــاً؟! الحلقة 6٥
- مروان ناصح الأثنين , 15 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 12:06:38 AM
- 0 تعليقات

مروان ناصح / لا ميديا -
الحب في الجامعة.. ومضة قلب بين دفاتر الحلم
في الجامعة، لم تكن الأبواب تُفتح على قاعات الدرس وحدها، بل على حدائق خفية من المشاعر، إذ يلتقي القلب بالكتاب، والروح بالخيال، فتنبت زهرة صغيرة في صدورٍ لم تعرف بعد غير النسيم.
أولى الشرارات
كانت نظرة عابرة، كحرفٍ ضاع من قصيدة ثم وُجد فجأة. تمر بين الممرات أو في ركن المكتبة، فتترك في القلب رجفة لا تُمحى.
لم تكن سوى لحظة؛ لكنها بدت كدهشة الخلق الأولى؛ كأنها تضيء العمر من الداخل.
رسائل تُكتب على استحياء
لم تكن الهواتف قد سرقت الدهشة بعد. كان الورقُ وحده ملاذ المحبين.
رسائل صغيرة تُخط بخطٍّ مرتبك، تُخبّأ بين دفاتر الهندسة أو كتب الأدب...
كل ورقة كانت تحمل نبض يدٍ مرتجفة، وصوتاً خافتاً يتلعثم بالحب.
وكان الخوف من انكشافها يزيدها سحراً، فكأنها سرّ من أسرار الكون الأول.
صداقات تنبت وتزهر
لم يكن الحب وحده سيّد المشهد، فهناك صداقات بريئة، تُبنى على كتابٍ مُتبادل، أو نقاشٍ في محاضرة.
صداقات كالماء الصافي، تسقي الروح من غير أن تُشعلها.
لكن أحيانًا، يتحوّل الماء إلى نبيذ خفيف، وتستيقظ الصداقة لتجد نفسها حباً يتعثر في خطواته، لكنه صادق حتى العظم.
شلل الشعراء والحالمين
في زوايا الجامعة، كان الشعراء المبتدئون من الجنسين يلتقون، أولئك الذين يرسمون ملامحهم بالحروف، ويستعيرون أصوات نزار وجبران والسياب... ويفاخرون بنشر قصائدهم الأولى في الجرائد، يجلسون في حلقات صغيرة، كأنهم طيور هاربة من واقعٍ صارم.
تجمعهم القصائد أكثر مما تفرّقهم القاعات، وتصير أحاديثهم عن الحب والفن جسراً، يمتد من الزمالة إلى صحبة، وقد يمتد من الصحبة إلى عشقٍ مُعلّقٍ بين السماء والأرض.
وبعضها كان يمتد إلى زواج مكلل بالنجاح، وآخر قصير الأجل!
لحظات خفية تحت الأشجار
تحت ظلال الحديقة، قرب نافورة أو مقعد حجري، كانت اللقاءات تتسلل مثل همسات.
ضحكات خجولة، أحلام صغيرة عن الغد، وكلمات لا تتجاوز أصابع اليد، لكنها تكفي لبناء مدينة في الخيال.
كانت تلك اللحظات أقصر من أن تُمسك، وأطول من أن تُنسى!
الحب بين القيود
كان المجتمع حاضراً، بعينيه الصارمتين ولسانه الحاد.
لذلك كان الحب يختبئ في الظلال، يتعلم الصبر، ويزدهر في الصمت.
وربما لهذا بدا أكثر نقاءً، كزهرة برية تنمو في صخرة صمّاء.
بين زمنين
في الأمس، كان الحب الجامعي قصيدة مكتومة، قصيدة لا تُقال إلا بين دفاتر الأيام.
اليوم، صار يُذاع على الشاشات، ويُعلن في بوستات و"إيموجي" عابرة، سريعاً، متقلباً، لا يعرف الانتظار.
أما ذاك الحب، فكان يمشي على مهل؛ لكنه يترك في القلب أثراً كأثر الندى على ورقة وردٍ في الفجر.
خاتمة:
الحب في الجامعة لم يكن قصة عادية؛ كان ميلاداً ثانياً للروح. تكوّنت فيه شلل الشعراء والعاشقين، وتشابكت فيه الصداقات مع الأحلام.
كان سرّاً نقياً، يتنفس بين السطور، ويترك وراءه ذكرى لا يبهت لونها، حتى بعد أن غادرنا مقاعد الدرس، وبقيت في القلب... ومضة من زمن جميل.










المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح