"الزمن الجميل".. هل كان جميلاً حقاً"؟! الحلقة 31
- مروان ناصح الخميس , 9 أكـتـوبـر , 2025 الساعة 3:32:11 AM
- 0 تعليقات
مروان ناصح / لا ميديا -
الأمثال الشعبية.. حكم الأجداد ونكهات الحكمة اليومية
في الزمن الجميل، كانت الأمثال الشعبية أكثر من مجرد جمل تُقال. كانت كنوزاً من الحكمة المتداولة شفهياً، تُعبر عن تجارب الأجيال، وتحفظ في طياتها قيم المجتمع، وترسم ملامح الفكر والسلوك في حياتهم اليومية.
كانت الأمثال تُقال في كل مناسبة، وتُستخدم لتهذيب النفوس، ونصح الأصدقاء، وللتعبير عن الفرح، الحزن، وحتى السخرية.
مرآة الثقافة الشعبية
الأمثال الشعبية لم تكن مجرد كلمات جامدة، بل كانت تعبيراً حياً عن ثقافة المجتمع، تقاليده، ومعتقداته، ترتبط بالأرض، العمل، والعلاقات الاجتماعية، مثل "كل تأخيرة وفيها خيرة"، ليس فقط تعبيراً عن الصبر، بل عن قبول قضاء الله وتدبيره.
وكانت الأمثال تُستخدم لتقريب المفاهيم من الصغار والكبار على حد سواء، وتساعد في تبسيط المعاني وتعزيز القيم.
الأمثال وأدوارها الاجتماعية
لم تكن الأمثال تُردد للمتعة فحسب، بل كانت أدوات تربوية بليغة، تُوجه السلوك وتُصحح الأخطاء بطريقة لطيفة. وكان الجدّ يعلّم أحفاده أمثالاً تُرشدهم في الحياة.
كانت الأمثال تُقال في الأسواق، في الحقول، وحتى في البيوت، تُذكّر الناس بضرورة التعاون، الصدق، والاحترام... كما أن في بعضها طابعاً ساخراً يُنقل عبره نقد اجتماعي خفي.
من الفم إلى الفم
كانت الأمثال تنتقل شفهياً من جيل إلى جيل، تتغير قليلاً حسب المناسبة، المكان، والشخص؛ لكن جوهرها ظل ثابتاً.
وكانت تُحفظ في الذاكرة وتتكرر في اللقاءات، وصارت جزءاً لا يتجزأ من خطاب الناس، حتى صار بإمكان أي فرد أن يشارك بحكمته الخاصة عبر قول مثل يناسب الموقف.
الأمثال في الشعر والأدب الشعبي
لم تكن الأمثال فقط في الكلام اليومي، بل دخلت في القصائد، والأغاني الشعبية، وصارت جزءاً من تراث شفهي غني، يحكي تجارب الناس، ويعكس أحلامهم وآمالهم، وكانت الأمثال تضفي على النصوص نكهة خاصة، تُحيي في الذاكرة ذكريات الطفولة، والحكايات حول النار في الليالي الباردة.
المقارنة مع الزمن الحالي
اليوم، رغم أن التكنولوجيا غزت حياتنا، ولا تكاد الأمثال تُستخدم في الكلام اليومي بالقدر نفسه؛ لكنها ما زالت حاضرة في الكتب، البرامج الثقافية، وبعض المناسبات، ويحاول البعض استرجاعها والحفاظ عليها، في زمن تزداد فيه سرعة الكلام وغزارة التعبير، لكن قلّة منّا يستمع بتمعّن إلى الحكمة الكامنة وراء تلك الكلمات المختصرة.
خاتمة:
في الزمن الجميل، كانت الأمثال الشعبية كتاب الحياة المفتوح، تُرشد الأفراد، تربط الأجيال، وتحفظ ذاكرة الشعوب وتقاليدها، فهل نُحيي تلك الحكمة في زمن تسارع الكلمات، ونجعل من الأمثال جسوراً بين الماضي والحاضر؟!
المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح