مروان ناصح

مروان ناصح / لا ميديا -
التلفزيون (2) والأنظمة السلطوية: رقابة – تجهيل - تضليل
مع سيطرة الأنظمة السلطوية في العالم العربي، أصبح التلفزيون خاضعاً للرقابة، تفرض ما يُعرض وما يُمنع، وتروّج للرواية الرسمية فحسب.
تم تقييد الحريات الفكرية والفنية، وفُرضت صور وأدوار نمطية تخدم السلطة.
في بعض الدول، تحولت القنوات إلى منابر للدعاية الحكومية السافرة، مُتجاهلة الأصوات المعارضة والمجتمعات المهمشة.

الثورة الرقمية وتراجع التلفزيون التقليدي
مع دخول الإنترنت والهواتف الذكية، تغيَّر المشهد بشكل جذري.
ظهر "اليوتيوب"، و"نتفليكس" و"أمازون برايم"... وأصبح المشاهد يمتلك السيطرة على ما يشاهد ومتى يشاهده.
تراجع الجمهور عن متابعة التلفزيون التقليدي، وصار الشباب يعزفون عن مشاهدة البرامج التلفزيونية الموجهة.
تدهورت جودة بعض البرامج التلفزيونية بسبب المنافسة. ورغم وجود قنوات فضائية، إلا أن "السرعة" و"التنوع" صارا كلمة السر.

هل انتهى عصر التلفزيون؟!
لا يمكن القول بأن التلفزيون مات؛ لكنه في حالة تحوُّل. إنه يتحول من وسيلة بث فردية إلى منصة تفاعلية.
وبالرغم من التحديات، ما زال التلفزيون يلعب دوراً مهماً في نشر الأخبار، وخاصة في المناطق التي تفتقر للبنية التحتية الرقمية.

مستقبل التلفزيون في العالم العربي.. تحديات وفرص
مع تسارع الثورة الرقمية، يواجه التلفزيون التقليدي تحديات كبرى:
- التحول إلى البث عبر الإنترنت: إذ بدأ العديد من القنوات إنشاء منصات رقمية لتلبية طلب الجمهور على المشاهدة المرنة.
- المنافسة المحتدمة مع المحتوى العالمي: مثل "نتفليكس"، "أمازون"، و"يوتيوب"، التي تقدم محتوى متنوعاً وعالي الجودة.
- تغيير أنماط المشاهدة: الجمهور اليوم يفضل المشاهدة عند الطلب، وليس وفق جدول بث معين.
- تجديد المحتوى: التلفزيون بحاجة إلى إنتاج أعمال تُلامس الواقع وتتناول قضايا الشباب وقضايا العصر، بحس نقدي وأسلوب فني متطور.
- دور الرقابة: استمرار قيود الأنظمة يؤثر سلباً في حرية الإبداع والتجديد.
لكن مع هذه التحديات، تظهر فرص جديدة:
- التلفزيون التفاعلي: دمج الجمهور في صناعة المحتوى وتقديم برامج حوارية أكثر انفتاحاً.
- الشراكات الدولية: لإنتاج مشروعات مشتركة ترفع المستوى الفني وتوسع الجمهور.
- التركيز على الهوية المحلية: تقديم قصص تنتمي لثقافة المجتمع وتعبّر عن همومه وأحلامه.

خاتمة:
التلفزيون في عالمنا العربي كان وما يزال جزءاً أساسياً من الذاكرة الثقافية والاجتماعية. بدأ كنافذة على العالم، ثم تحوّل إلى أداة إعلامية سياسية، والآن في مفترق طرق بين التقليد والحداثة، بين القيود والتجديد.
الحفاظ على دوره يتطلب جرأة على التجديد، ووعياً بالنقد الذاتي، وإيماناً بأن الفن والثقافة هما وقود الروح ومفتاح التقدم.

أترك تعليقاً

التعليقات