«الزمن الجميل».. هـل كان جميـــلاً حقــاً؟! الحلقة 33
- مروان ناصح الأثنين , 13 أكـتـوبـر , 2025 الساعة 1:20:52 AM
- 0 تعليقات
مروان نــاصح / لا ميديا -
بائع الجرائد.. حين كان الخبر يُمسك باليد قبل أن يمرّ على الشاشة
في الزمن الجميل، كان الشارع مسرحاً مفتوحاً للحكايات، وكان هناك رجل يقف على الرصيف أو عند باب الحديقة، يحمل على كتفه آلة تصوير سوداء لامعة، تلمع عدستها في ضوء الشمس كعينٍ تعرف أسرار الناس.
شاعر الضوء
لم يكن مجرد مصور، كان صيّاداً للحظات الهاربة، يقتنص ابتسامة طفل، أو نظرة عروس خجلى، أو يدَيْن متشابكتين على مقعد في الميدان... يحفظ الوجوه في أوراق صغيرة مبللة برائحة التحميض، وكأنه يخزن داخلها نبض القلب نفسه.
مختبر صغير
آلة تصوير ثقيلة، يلفها بحزام جلدي، حقيبة فيها أفلام ملفوفة بعناية، وملحقات التحميض المحمولة، ووعدٌ بتسليم الصورة "بعد يومين".
كانت الصور تُسلّم في ظروف ورقية بيضاء، كأنها رسائل شخصية من الماضي إلى المستقبل.
المشهد الاجتماعي
كان يقف أمام المتنزهات، محطات القطار، أو في الساحات الكبرى... ينادي العابرين بابتسامة: "صورة للذكرى!".
وكان الناس يلبّون الدعوة في المناسبات والأعياد، فالصور آنذاك لم تكن عادة يومية.. بل حدثاً يُنتظر.
شريك الذكريات
كان يلتقط الصور للعائلات في أول زياراتهم للمدينة، وللأصدقاء قبل أن يفترقوا، وللأمهات وهنّ يودعن أبناءهن في السفر، وللمجندين القادمين من الأرياف لخدمة "الوطن"...
وبين يديه كانت الوجوه تكبر وتشيخ عبر السنوات، حتى صار لبعض الزبائن ألبوم كامل من تصويره وحده.
المقارنة مع اليوم
اليوم، صار الهاتف هو المصور؛ لكن الصور تُلتقط بلا موعد، بلا وقفة، بلا انحناءة رأس أمام العدسة.
أما صور مصور الشارع فكانت تُلتقط كما تُكتب القصائد: بنية أن تُحَب وتُحفظ للأبد.
خاتمة:
في الزمن الجميل، كان مصور الشارع شاعراً لا يكتب بالكلمات، بل بالضوء والظل، يمسك لحظة من عمر الناس ويقول لها: "توقفي.. فأنتِ جميلة الآن".
المصدر مروان ناصح
زيارة جميع مقالات: مروان ناصح