«لا» 21 السياسي -

مستهل حصى وغلاف
في الغلاف المثير للجدل لصحيفة «الإيكونوميست»، والذي نشر مساء السبت 30 تموز/ يوليو 2022، يظهر رأس (مبس) من الخلف وهو يرتدي الشماغ وعقالاً يتدلى منه فتيل قنبلة مشتعل.
حاول المقال والذي عنوانه: «MBS» طاغية في الصحراء» أن يتناول مقتطفات من سيرة حياة ابن سلمان طفلاً وشاباً وصولاً إلى توليه الحكم الفعلي للمملكة، وتساءل عن مستقبله، معتبراً (MBS) قنبلة موقوتة تهدد بلاده وربما المنطقة والعالم.
واعتبرت الممثلة والكوميدية الفلسطينية الأمريكية ميسون زايد: «المشكلة أن (MBS) أصبح بالفعل رمزاً ليس فقط لجميع العرب، وإنما أيضاً لجميع المسلمين، ونحن مسؤولون عن السماح بحدوث ذلك، خاصةً المسلمين الذين يداومون على ملء جيوبه بأموال الحج كما لو أنه لم يكن الشيطان نفسه».
لم تعلق المجلة أو توضح موقفها من الانتقادات الموجهة للغلاف، بل عبّرت محررة العدد، روزي بلو، عن «الفخر» بمحتواه، بما في ذلك التقرير عن (مبس)، ووجهت الشكر للمشاركين في إعداد القصة والغلاف، عبر حسابها في «تويتر».
في هذا الملف المكثف سنعيد نشر بعض مما تناوله تقرير «الإيكونوميست»، الذي أعده مراسلها في الشرق الأوسط نيكولاس بيلهام، إضافة إلى تعليق عن زيارة (مبس) إلى أثينا وباريس.

صدام الصغير
لم يرغب أحد في لعب كرة القدم مع محمد بن سلمان. بالتأكيد؛ كان الصبي عضواً في العائلة المالكة في المملكة السعودية، مثله مثل 15000 شخص آخر؛ حيث يتذكر أحد معارفه في الطفولة أن زملاءه في الفصل فضلوا رفقة أبناء عمومته، الذين كانوا أعلى مرتبة في ترتيب الخلافة المفترض. أما بالنسبة للطفل المعزول الذي سيصبح يوماً ما ولياً للعهد، فيروي صديق للعائلة أنه كان يسمعهم يسمونه «صدام الصغير».

وارين بافيت العربي
عندما كانوا صغاراً، كان أفراد العائلة المالكة يبحرون أحياناً على اليخوت الفاخرة معاً. وبحسب ما ورد، عومل محمد بن سلمان كأنه صبي مهمات؛ حيث كان يُرسَل إلى الشاطئ لشراء السجائر. كما تُظهر صورة من إحدى هذه العطلات مجموعة من 16 من أفراد العائلة المالكة يقفون على سطح يخت يرتدون سراويل قصيرة ونظارات شمسية، وتلال الريفيرا الفرنسية خلفهم. في الوسط يوجد ابن عم محمد بن سلمان، الأمير الوليد بن طلال، وهو مستثمر ملياردير أطلق عليه لقب «وارن بافيت العربي»، حيث تم وضع محمد بن سلمان، الذي كان طويل القامة وعريض الكتفين ويلبس قميصاً أبيض اللون، إلى أبعد حافة؛ ولكن حين ننتقل بالزمن سريعاً إلى اليوم، نجد أن ابن سلمان انتقل إلى مركز الصورة.

كاسر التابو ومدمن التيربو
يبدو أن ابن سلمان يستمتع بكسر المحرمات الدينية، فقد تطرقت قناته التلفزيونية الحكومية الجديدة إلى موضوع المثلية الجنسية. وفي أيلول/ سبتمبر 2017، رفع الحظر المفروض على موقع «تيندر» (Tinder)، وهو تطبيق مواعدة. في العام التالي، تم استخدام أحد أئمة مكة في لعب المجموعة الأولى في مسابقة جديدة للعبة الورق، ولقد جلب العديد من الرياضات الجديدة إلى المملكة، مثل: الملاكمة والمصارعة، ورياضات السيارات الوحشية لسيارات الدفع الرباعي المشحونة بالتيربو، وحتى سباق الثيران على غرار بامبلونا، حيث قال أحد المتفرجين الأمريكيين شاهده وهو يتلقى ترحيباً حارّاً في سباق (الفورمولا 1) في جدة أواخر العام الماضي: «إنه مثل نجم موسيقى الروك».
وقال لي رجل أعمال ممتلئ بالحيوية: «أخشى أن يتم القبض عليَّ لعدم شرب الخمر»، فيما قال أحد رواد الحفلة: «هناك كوكايين وكحول وعاهرات بشكل لم أره في جنوب كاليفورنيا! إنها حقاً أشياء قوية». وقال مسؤول سعودي كبير سابق إن المشتغلين بالجنس، وكثير منهم من أوروبا الشرقية، يمكنهم كسب 3000 دولار لحضور حفلة و10000 دولار لقضاء الليل.
العديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في هذا المقال قالوا إنهم يعتقدون أن محمد بن سلمان كثيراً ما يستخدم المخدرات، وهو ما ينفيه. يقول أحد المطلعين في البلاط الملكي إنه في عام 2015 قرر أصدقاؤه أنه بحاجة إلى بعض الراحة والاسترخاء في جزيرة من جزر المالديف. ووفقاً لما رواه الصحفيان الاستقصائيان برادلي هوب وجوستين شيك في كتابهما «الدم والنفط»، فقد تم تجنيد 150 عارضة أزياء للانضمام إلى التجمع، ثم تم نقلهن «بواسطة عربة غولف إلى مركز طبي لفحصهن بحثاً عن الأمراض المنقولة جنسياً». تم نقل العديد من نجوم الموسيقى العالمية، بمن في ذلك «آفرو جاك»، وهو دي جي هولندي، ثم كشفت الصحافة وجود محمد بن سلمان السري.

فلتقدن سياراتكن.. أما قيادة البلد فلي وحدي
قبل وقت قصير من رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة في عام 2018، قام مسؤولو محمد بسجن لجين الهذلول، إحدى قائدات الحملة من أجل حقوق المرأة. تقول عائلتها إن السجانين عذبوها بالغرق وصعقوها بالكهرباء، وأن سعود القحطاني، أحد أقرب مستشاري محمد بن سلمان، كان حاضراً أثناء تعذيبها وهددها باغتصابها (ووجد تحقيق أجرته الأمم المتحدة أسباباً معقولة للاعتقاد بتورط القحطاني في تعذيب ناشطات، ويُزعم أن القحطاني قال لإحداهن: «سأفعل بك ما يحلو لي، وبعد ذلك سأذوّبك وألقي بك في المرحاض»). واتُّهمت الهذلول بالتحريض على تغيير نظام الحكم، وكانت الرسالة واضحة: مسموح لشخص واحد فقط القيام بذلك!

أبو الرصاصة
حصل ابن سلمان على لقب «أبو الرصاصة» بعد انتشار شائعات مفادها أنه أرسل رصاصة في البريد إلى مسؤول حكم ضده في نزاع على أرض. كما كان مخيفاً في السر أيضاً، حيث يقول مصدر له صلات بالقصر: «هناك هذه الأعصاب الرهيبة، حيث يقوم بتحطيم المكاتب، وتحطيم القصر. إنه عنيف للغاية». ويصفه العديد من الزملاء بأنه يعاني من تقلبات مزاجية شديدة. ويقول اثنان من المطلعين السابقين على القصر إنه قام ذات مرة، خلال مشادة مع والدته، برش سقف منزلها بالرصاص. ووفقاً لمصادر وتقارير إخبارية متعددة، فقد حبس والدته في مكان بعيد عن الأعين.

أول المُلك عدوان
حصل ابن سلمان أخيراً على السلطة السياسية سنة 2015، عندما أصبح سلمان ملكاً، فقد عين سلمان ابنه نائباً لولي العهد ووزيرا للدفاع. وكانت إحدى أولى خطوات ابن سلمان هي شن حرب على اليمن المجاور. وحتى أمريكا، الحليف العسكري الأقرب للمملكة!

قُبلة ابن سلمان القاتلة
في حزيران/ يونيو 2017، تم استدعاء ابن نايف للقاء الملك المسن في قصره في مكة، حيث ظهرت قصة ما حدث بعد ذلك في التقارير الصحفية والمقابلات التي أجريتها، فيبدو أن ابن نايف وصل بطائرة مروحية ونزل بالمصعد إلى الطابق الرابع، وبدلاً من مقابلة الملك، كان عملاء محمد بن سلمان ينتظرونه، حيث تم تجريده من أسلحته وهاتفه، وأُبلغ أن المجلس الملكي قد عزله، وقد تُرك وحده للنظر في خياراته، وبعد سبع ساعات صور مصور فيديو تمثيلية محمد بن سلمان وهو يقبل ابن عمه، ثم يقبل تنازله عن العرش كولي للعهد، فيما احتفظ الملك سلمان بالمقعد الخلفي طوال الوقت.

عائلة رومانوف
في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، استضاف محمد بن سلمان مؤتمراً دولياً للاستثمار، في فندق «ريتز كارلتون» بالرياض، وكان التجمع أيضاً فرصة لدعوة أفراد العائلة المالكة الذين كانوا غالباً في الخارج. وبمجرد أن غادر الأجانب، انقض محمد بن سلمان واعتقل المئات من الأمراء ورجال الأعمال.
احتجز ابن سلمان الرهائن في فندق «ريتز كارلتون» لعدة أسابيع (تم أيضاً مصادرة فندق «ماريوت» وفنادق أخرى لإيواء الفائض)، وتمت مصادرة هواتف الرهائن، وقيل إن بعضهم غُطيت رؤوسهم وحُرموا من النوم وتعرضوا للضرب حتى وافقوا على تحويل الأموال وتسليم مخزون من أصولهم. في نهاية المطاف، سلم ضيوف ابن سلمان في فندق «ريتز كارلتون» حوالى 100 مليار دولار.
حتى أفراد العائلة المالكة الذين اعتقدوا سابقاً أنه لا يمكن المساس بهم، مثل متعب بن عبدالله، الأمير القوي الذي كان يدير الحرس الوطني، تلقوا معاملة مماثلة، وسجنت الأميرة بسمة، أصغر أبناء ثاني ملوك المملكة السعودية، لمدة ثلاث سنوات دون تهمة أو الاتصال بمحام. وبعد إطلاق سراحها، كان عليها أن ترتدي سواراً إلكترونياً في الكاحل، وفقاً لشريك مقرب منها.
وشعر حتى أفراد العائلة المالكة الذين لم يكونوا داخل فندق «ريتز كارلتون» بالضغط للتخلص من الأصول الفاخرة، فقد عرض والد السفير السعودي في بريطانيا أرضه التي كان يحبها، «جليمبتون بارك»، والتي تبلغ مساحتها 2000 فدان، في كوتسوولدز، للبيع. وأجرى تجار المجوهرات في الرياض تجارة مزدهرة في رهن الماس لأفراد العائلة المالكة الأقل نفوذاً، وقال مستشار لدار مزادات: «الأمر يشبه قيام عائلة رومانوف ببيع بيض فابرجي».
من بين أولئك الذين خسروا، الأمراء الذين دفعوا محمد بن سلمان صغيراً إلى حافة صورة العائلة على اليخت طوال تلك السنوات الماضية. فالأمير الوليد بن طلال، وسط تلك اللقطة، تنازل عن جزء من ثروته البالغة 17 مليار دولار. ومع اتساع نطاق الابتزاز، عرض الأشقاء الأكبر سناً لمحمد بن سلمان يختهم للبيع. كما تم حبس العديد من أبناء عمومته. وقد قال أحد الضحايا: «إنه وقت دفع الثمن».

من «أبو عبدالله» إلى «أبو محمد القحطاني»
نصّب القحطاني نفسه كواحد من الأتباع المفضلين لدى محمد بن سلمان، رغم أنه في وقت سابق من حياته المهنية، تآمر ضد سلمان وابنه، محاولاً تهميشهم بشائعات عن إصابة سلمان بالخرف. كان القحطاني مخلصاً جداً للفصيل السابق، لدرجة أنه أطلق على ابنه اسم رئيسه في ذلك الوقت. وبحسب أحد رجال البلاط الملكي السابق، فقد خرج الرجلان في يوم جنازة الملك العجوز، حيث قام محمد بن سلمان بصفع القحطاني على وجهه. ولاحقاً، أعطى محمد بن سلمان الفرصة للقحطاني كي يثبت جدارته وضمه إلى موظفيه، وسمى هذا الأخير ابنه الأصغر «محمد» حسب الأصول.

توأمان سياميان وقطة
كان لدى ابن سلمان مع دونالد ترامب -الذي تم انتخابه رئيساً سنة 2016- الكثير من القواسم المشتركة، فكلاهما كان يعاني من جوع المستضعف ويكره مؤسسات صنع السياسة المتعجرفة في بلديهما، كما أنهما يستمتعان بالاستفزاز.
كما حلم صهر ترامب، جاريد كوشنر، وابن سلمان بنظام إقليمي جديد عبر تطبيق «الواتسأب»، حيث يطلقون بعضهم على بعض اسم «جاريد» و»محمد»، وقد كانت علاقتهم كبيرة جداً لدرجة أنه، بدفع من كوشنر، بدأ محمد بن سلمان عملية الاعتراف بـ»إسرائيل».

bonhomie
في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2018 توقفت لعبة «بون هومي» (bonhomie) العابرة للقارات بشكل مفاجئ. نُشرت عظام الصحفي جمال خاشقجي، ويبدو أن ابن سلمان قد فوجئ حقاً بالعداء جراء ذلك، فقد كان «محبطاً»، كما يقول أحد المساعدين، حيث تساءل: «ألم يلتزم بكل الإصلاحات التي كان الغرب يطلبها؟». ربما كان قد قلل من شأن الاحتجاج الذي أثاره ملاحقة شخصية دولية ذات علاقات جيدة، على عكس المجهول الملكي خارج المملكة، أو ربما فهم أولويات الحكومات الغربية أفضل مما فهمته هي نفسها، فلم يفعلوا شيئا يذكر عندما اختفى محمد بن نايف، شريكهم في مكافحة الإرهاب، ولقد تجاهلوا تقارير التعذيب في فندق «ريتز كارلتون»، وقصف محمد المتهور لليمن؛ فلماذا لديهم الكثير ليقولوه عن مقتل صحفي واحد؟!
بعد ثلاث سنوات من مقتل خاشقجي، افتُتِحَ منتدى «دافوس الصحراء» مع المغنية غلوريا جاينور، والتي عندما ظهرت صور أطفال مبتسمين على شاشة عملاقة خلفها، غنت أغنيتها «سأعيش»، وسألت الجمهور: «هل تعتقد أنني سأنهار؟ هل تعتقد أنني سأستلقي وأموت؟».
يقول أحد المحللين الأجانب: «ما تعلموه فقط هو عدم قتل الصحفيين الذين يتناولون العشاء بانتظام مع أعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة».

أيتهما أنقذته: هاي فايف بوتين أم هاي هاند بايدن؟!!
في 2018، في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس، التي انعقدت بعد أسابيع من مقتل خاشقجي، تجنب القادة الغربيون محمد بن سلمان. أعطى بوتين الحاكم السعودي مصافحة على شكل تحية «هاي فايف» قبل الجلوس بجانبه.
ويبدو أن تحدي ابن سلمان لأمريكا قد آتى ثماره؛ فبعد شهور من التهرب، وافق بايدن -وعلى مضض- على لقاء محمد بن سلمان في جدة في تموز/ يوليو الجاري، وعلى أرض الأمير وشروطه الخاصة.

رعشة أعضاء ووزراء المراحيض
لقد انقلب الأمير الشاب حتى على الخطوات الصغيرة نحو الديمقراطية التي اتخذها الملوك السابقون، فقد تم تعليق الانتخابات البلدية - كتمرين لخفض التكاليف، كما توضح الصحافة المؤيدة له. واجتمع مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية مكونة من 150 شخصاً، عبر الإنترنت فقط منذ انتشار الوباء، فيما اجتمعت مؤسسات أخرى بشكل طبيعي منذ شهور، حيث قال أحد الأعضاء: «أتمنى لو كان لديّ صوت أكبر». وكلما ذكرتُ الأمير، كانت ساقه ترتعش.
ويقول زائر متكرر للديوان الملكي إن محمد بن سلمان يعطي الآن انطباعاً عن شخص يعتقد دائماً أن الناس يتآمرون ضده، فيبدو أنه منشغل بالولاء؛ حيث إنه يشغل بنفسه المناصب الرئيسية، ويتشارك المسؤوليات، مع أفراد العائلة المالكة الشباب أو الأجانب الذين ليس لديهم قاعدة محلية لتهديده أو الأشخاص الذين كسرهم بالفعل، فقد كان وزير الحكومة، إبراهيم عساف، أحد المحتجزين في فندق «ريتز كارلتون»، وبعد شهرين أرسله محمد إلى المنتدى الاقتصادي العالمي كممثل له، فيما يقول مسؤول تنفيذي كبير في أحد مشاريعه الإنشائية إنه تعرض للتعذيب في أحد سجونه. كما يقول أحد معارفه المقربين: «لقد تحول من تعليقه عارياً من كاحليه، وضربه وتجريده من جميع أصوله، إلى مدير مشروع رفيع المستوى».
لا يزال الجميع عرضة لنوبات الغضب؛ حيث تقول مصادر سعودية إنه ذات مرة حبس وزيراً في مرحاض لمدة عشر ساعات؛ حيث ظهر الوزير لاحقاً على شاشة التلفزيون يتحدث بالتفاهات حول حكمة الأمير.

نيوم المفقودة
كان العثور على نيوم هو المشكلة الأولى، فلم تكن هناك لافتات طريق إليها، وبعد ثلاث ساعات بالسيارة وصلنا إلى المكان المشار إليه في الخريطة، حيث كانت منطقة جرداء إلا من شجرة تين غريبة، فيما سارت الجمال عبر الطريق السريع الفارغ، واصطفت أكوام من الأنقاض على الطريق، وجُرِفَتْ بقايا البلدة لإفساح المجال أمام المدينة العظيمة.
المنطقة المخصصة هي تقريبا مثل مساحة بلجيكا. وبقدر ما أستطيع أن أقول، فقد تم الانتهاء من مشروعين فقط: قصر الأمير محمد بن سلمان، وشيء تسميه «جوجل إيرث»: «مركز تجربة نيوم» (عندما قدت السيارة لرؤيته، تم حجبه بواسطة كوخ جاهز)، وكان المبنى الصلب الآخر الوحيد الذي استطعتُ رؤيته هو فندق تم تشييده قبل تصور نيوم: «رويال توليب»؛ حيث حثني ملصق -موجود في ردهة الفندق- على «اكتشاف نيوم»؛ لكن عندما طلبت مرشداً، أطلق عليّ مدير الفندق سبة عربية بذيئة، وحاول إبعادي، ولم تكن هناك أي علامة على المركز الإعلامي مع «التسهيل الخالي من الاحتكاك» و»البنية التحتية المتقدمة» و»النظم البيئية التعاونية» التي وعد بها موقع نيوم؛ فيما قال رئيس الاتصالات والإعلام في نيوم، واين بورغ، إنه «خارج المملكة في الوقت الحالي».
كان مطعم الفندق يعج بالمستشارين، وكان كل من قابلتهم من الأجانب (وجدت لاحقاً مدير مشروع سعوديا، قال لي: «نعتقد أننا على وشك بدء العمل؛ لكن كل شهرين يضع المستشارون خطة جديدة؛ ما زالوا يخططون»).
وكان هناك نوع من الهوس قصير المدى بين هؤلاء الأجانب، حيث يتقاضى الكثير منهم 40 ألف دولار شهريّاً، بالإضافة إلى مكافآت رائعة. وقال لي أحد مستشاري نيوم: «الأمر أشبه بركوب الثور؛ أنت تعلم أنك ستسقط، ولا يمكن لأحد أن يدوم على ثور أكثر من دقيقة ونصف، ودقيقتين، لذا يمكنك تحقيق أقصى استفادة منه».