«لا» 21 السياسي -
تحت غطاء المساعدات الإنسانية مارس وما يزال الكثير من المنظمات والبرامج «الإغاثية» في اليمن أعمالا استخباراتية وجمع معلومات لا علاقة لها بالعمل الإنساني، وعندما يتم الضغط عليها للحد من تحركاتها المشبوهة، كأن تكتفي بإجراء مسح ميداني شامل بدلاً من عشرات المسوحات، ردت تلك المنظمات بوضع شروط تعجيزية تحول العمل الاستخباري المغلف إلى آخرٍ مكشوف، مثل الحصول على بصمة العين وجمع بيانات تمس الأمن القومي، مقابل موافقتها بالاكتفاء بمسح ميداني شامل فقط.
وفي حال أصرت الجهات المعنية على رأيها تعلق المنظمات ذاتها عملها جزئياً واضعةً اليمنيين أمام خيارين:
إما استمرار الدور الاستخباري وضمان بقاء المجاعة في اليمن وإسكات العالم من خلال الحديث عن مبالغ تنفقها لمواجهة المجاعة؛ وإما اتهام اليمنيين بعرقلة أعمال الإغاثة (والتفاهة) وتبرئة دول العدوان من جريمة الحصار والتجويع.
الأدوار المشبوهة للعديد من المنظمات الدولية لم تعد خافية على أحد، ليس في اليمن وحسب، بل وفي كثيرٍ من دول العالم التي تتعرض للكوارث أو الحروب. وهذه الوقائع ليست فريدة من نوعها في سجل عمل المنظمات الدولية والإغاثية أو غيرها من المنظمات التي يعمل بعضها تحت راية الأمم المتحدة، فقد تعرضت منظمات كثيرة لفضائح تتعدى مهام العمل الإنساني والإغاثي إلى محاولة تضليل الرأي العام العالمي ونشر معلومات مضللة لحقيقة الأوضاع، بالإضافة إلى قيامها بأدوار مشبوهة لصالح قوى دولية، كالتجسس والعمل الاستخباراتي.
في اليمن واقع فاضح لتلك المنظمات، حيث يتم ربط الملف الإغاثي والإنساني بالملف السياسي واستخدام المساعدات كوسيلة من وسائل الضغط والتركيع وربطها بشروط سياسية للجهات المانحة، بالإضافة إلى إضفاء الطابع السياسي على المساعدات الإنسانية واستغلالها لتمرير أجنداتٍ وتحقيق ميزاتٍ عجزوا عن تحقيقها بالقوة العسكرية، حيث لا يتوقف الأمر في بعض الأحيان عند مجرد جمع المعلومات، بل يتعدى ذلك إلى بث الفرقة والتناحر بين اليمنيين، وتزويد قوى الارتزاق والعمالة بالسلاح تحت يافطات المساعدات الإغاثية، كما حدث من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وهو ما كشفته القوات المسلحة اليمنية سابقاً، وكما فعلت وما تزال منظمة «أكتد» الفرنسية، وهذا ما سنكشف شيئاً منه في بعض تفاصيل هذا الملف.