لا ميديا -
رجلُ البدايات الصعبة، وسنواتِ البناءِ الطويلة، قادماً من الشمال، يَسيرُ في السهولِ طولاً وعرضاً، ويَتجوّلُ بين حقولِ الزيتون، التي صار زيتُها دماً حنيناً لأيامهِ. كان في القريةِ وفي المعركةِ، بطلَ الحكاياتِ التي تُروى في ليالي الأنْسِ والشوقِ. ومُؤنسَ الكهوفِ والجبالِ، التي عرفتهُ.
ولد عصام موسى براهمة في بلدة «عنزة» قضاء جنين عام 1963م، وبدأ نشاطه السياسي وهو في المرحلة الثانوية، فنظم العديد من المظاهرات والاعتصامات التي تخدم قضيته، بعد الثانوية التحق بكلية المجتمع في رام الله لدراسة هندسة الديكور.
انخرط في صفوف حركة فتح، وتدرب على إطلاق النار وأجاده بمهارة، وأخذ ينظم الشبان، ليؤسس عام 1984 أول خلية مسلحة ضاربة نفذت عدة عمليات ضد دوريات جيش الاحتلال على تخوم بلدته ومحيطها.
اعتقل عام 1986م وحكم بالسجن لمدة أربع سنوات، وفي السجن تعرف على عناصر من حركة الجهاد الإسلامي، وأعلن انتماءه لها.
أفرج عنه عام 1990، فبدأ وبتواصل مباشر مع الدكتور فتحي الشقاقي بتكوين خلايا عسكرية، سماها «عشاق الشهادة»، والتي نفذت عام 1992م العملية المشهورة عملية مستوطنة «متتياهو»، أدت لمصرع مديرة مجلس المستوطنة وإصابة 10 آخرين.
شارك في جميع العمليات العسكرية التي كانت تنطلق من مدينة جنين، برفقة العديد من مجاهدي حركة الجهاد الإسلامي وباقي فصائل المقاومة.
أدرك جيش الاحتلال خطورة بقائه طليقا وفشلوا في العثور عليه فكثفوا من عمليات ملاحقتهم له وأصبح مطارداً في الكهوف والوديان.
في 10 ديسمبر 1992م، سُلّطت الأضواء القوية على مكان تواجده، وطلب منه تسليم نفسه، أطل عليهم برصاصه فيتساقط القتلى والجرحى، قصفت الطائرات المنزل.
ساد الصمت وتقدم قائد القوات مع جنوده، فانتفض من بين الأنقاض مبتور القدم، إلا أن رمقه الأخير لايزال يزخر بالرصاص، فسقط قائدهم «ساسان مردوخ» وأربعة آخرون وجرح الكثيرون. أعادت الطائرات قصف المنزل وسوته بالأرض ليستشهد بعد 9 ساعات من الاشتباك الضاري.