لا ميديا -
أبطال لم يؤلمهم السجن، وشهداء لم يرهبهم الموت. إنهم مصدر رعب لكيان غاصب يخافهم وهم مكبلون بين جدران شاهقة خلف الشمس، ويخافهم وهم أموات تحت التراب.
ولد أنيس دولة عام 1944، في قلقيلية شمال الضفة الغربية. التحق بالجبهة الشعبية، وجناحها العسكري في الضفة الغربية انطلاقاً من الأراضي الأردنية.
تسلل إلى نابلس عام 1968، وقاد مجموعة هاجمت مقر الحاكم العسكري في المدينة. عاد أفراد المجموعة، واعتقلته قوات الاحتلال بعد إصابته.
تعرض لتعذيب شديد في أقبية التحقيق، وحكم عليه بالسجن 4 مؤبدات. وعند تأسيس الجبهة الديمقراطية عام 1969، انضم إليها، وأصبح أحد كوادرها في المعتقل، وبدأ بتشكيل المنظمة في السجن.
نسج علاقات واسعة في المعتقل، وخاض مواجهات مع إدارة السجون، بالتنسيق مع باقي فصائل العمل الوطني، من أجل انتزاع الحقوق للمعتقلين.
شارك مع رفاقه في «إضراب عسقلان» الشهير، في كانون الأول/ ديسمبر 1976، الذي استمر 45 يوما، لتحسين شروط الحياة في السجن، ونكثت إدارة السجن بوعودها، فاستأنفوا إضرابهم في شباط/ فبراير 1977 ولمدة 20 يوما.
عوقب مع 80 من الأسرى البارزين بالنقل إلى «سجن نفحة» في الصحراء، فأعلنوا، في تموز/ يوليو 1980، إضرابا عاما عن الطعام، بالتنسيق مع معتقلي «عسقلان» و»بئر السبع»، وتعرضوا للعنف لكسر الإضراب. تفاقمت أمراضه مع طول مدة الإضراب، وتعمدت إدارة السجن حرمانه من الرعاية الطبية بهدف إنقاذ حياته.
بعد 33 يوما من الإضراب استشهد أسيران. وفي 31 آب/ أغسطس 1980، أغمي عليه ونُقل إلى عيادة السجن، وبعد ساعات أعلن السجان وفاته، ليصبح ثالث شهداء الإضراب.
رفض الاحتلال تسليم جثمانه، وأنكر أن يكون اسمه في سجلات السجن. عام 2013، ردت المحكمة العليا للاحتلال بأن السلطات لا تملك أي معلومات عنه، وأن الجثمان مفقود، وبعد أكثر من 40 عاما، لايزال جثمانه محتجزا.