اليمن بالحبر الغربي -
نادراً ما يعترف الدبلوماسيون بالفشل؛ لكن هذا هو بالضبط ما فعله وزير الخارجية السعودي في 18 شباط/ فبراير في مؤتمر ميونيخ للأمن، وهو غابفيست الأمني السنوي (مؤتمر عالمي مطول). سعت المملكة إلى إبقاء بشار الأسد منبوذا. ولدى سؤاله عن الشائعات بأن بلاده قد تغير المسار، ألمح الأمير فيصل بن فرحان إلى أن عزل السيد الأسد كان على وشك الانتهاء. وقال: «هناك إجماع ينمو على أن الوضع الراهن غير قابل للتطبيق».
على مدى العقد الماضي، أنفقت المملكة السعودية عشرات المليارات من الدولارات للإطاحة بنظامين معاديين: نظام الأسد، ونظام الحوثيين. في الأشهر المقبلة، من المحتمل أن تعترف بفشل المحاولتين. هذا ليس لأن السعوديين قد طوروا تقارباً مع خصومهم، بل إنها علامة أخرى على كيف أن المملكة، مثل بعض جيرانها الخليجيين، ترى بشكل متزايد بقية العالم العربي على أنه مصدر إزعاج ممل.
يعتقد الدبلوماسيون أن المملكة يمكن أن تعلن تقاربا مع سورية في قمة جامعة الدول العربية المقبلة، والتي عادة ما تُعقد في آذار/ مارس (وسيستضيفها السعوديون هذا العام).
الاحترام للسيد الأسد سيكون أقل بكثير من التغيير الذي قد يلوح في أفق اليمن. كانت البلاد في حالة اضطراب منذ انتفاضة 2011 ضد علي عبد الله صالح، دكتاتورها القديم. كان بديله، عبد ربه منصور هادي، بذلة فارغة، وأثبت عدم قدرته على الحفاظ على تماسك الوطن. ترك ذلك فراغاً ملأه الحوثيون بفارغ الصبر، الذين حاربوا في تمرد متقطع منذ التسعينيات.
استمرت عملية «عاصفة الحزم»، كما سميت، ثماني سنوات غير حاسمة، وأغرقت اليمن في أزمة إنسانية. يقدر أن 19 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات غذائية للبقاء على قيد الحياة (ثلاثة أرباع الناس يعيشون تحت خط الفقر).
لقد كان مكلفاً للسعوديين أيضاً. لا توجد أرقام رسمية؛ لكن المملكة أنفقت عشرات مليارات الدولارات على الحرب. وضع البعض علامة التبويب عالية، تصل إلى مليار دولار في الأسبوع، في فترات القتال الأشد.
السعودية تفاوض على صفقة تسمح لها بالانسحاب. لن تزيل الحوثيين من السلطة، ولن تنهي الحرب الأهلية الداخلية الفوضوية في اليمن؛ لكنها ستمنحها تأكيدات بأن الحوثيين سيتوقفون عن إلقاء الطائرات بدون طيار والصواريخ عبر الحدود. يقول أحد المراقبين اليمنيين المحبطين: «إنها تمنح الحوثيين أكثر مما كانوا يتوقعون». ويمكن توقيعها في الأشهر المقبلة - ربما في مكة المكرمة، قرب إجازة رمضان، التي تبدأ هذا العام في أواخر آذار/ مارس.
إن استعادة العلاقات مع الأسد لا تعني أن السعوديين سيضخون الأموال لإعادة بناء بلاده المدمرة. كما أن إنهاء حربهم في اليمن لا يعني أنها ستبذل الكثير لتمويل جهود إعادة الإعمار، والتي يقدر البنك الدولي أنها ستحتاج إلى 25 مليار دولار. بأخذ صفحة من الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن العديد من السعوديين، بمن فيهم المسؤولون، يسمون هذا «عصر السعودية أولاً»، وقت إنفاق الأموال في الداخل وتقليص التشابكات الخارجية - خاصة تلك الفاشلة.

«ذا إيكونوميست»
 (The economist)