لا ميديا -
كان صادماً للأطبّاء في المستشفى الحكومي بمدينة جنين أن يكتشفوا، بعد أن أماطوا اللثام عن وجه مقاومٍ غارق بدمائه، أنه هو نفسه زميلهم الدكتور عبد الله أبو التين.
أما زوجته فرغم سماعها كثيراً عن أبطال الأساطير، فإنها لم تكن تتخيل أن تعيش ذلك في الحقيقة، فطوال زواجها الذي استمر 7 سنوات ظل يخبرها في كل مرة يقتحم فيها الاحتلال المخيم أنه ذاهب لمساعدة زملائه الأطباء بمستشفى جنين، والآن فكت اللغز؛ ولكن بعد استشهاده.
الطبيب المشتبِك كان قد عمل لسنوات طويلة في المهنة التي أخلص في حُبّها، وأضحت طريقه إلى قلوب مئات الفقراء الذين كان يعالجهم بالمجّان خارج ساعات دوامه الرسمي. كما شغل منصب مدير وحدة التراخيص في وزارة الصحة.
يصفه أحد زملائه الأطباء: «كان إنساناً بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى. كان كتوماً جدّاً، وما قُدرته على إخفاء كونه مقاوماً ميدانياً ومؤسِّساً لجناح عسكري في جنين إلّا خير دليل على هذا، فرغم علاقتنا المتينة لم نلحظ أبداً أن لديه هذا التوجّه».
يقول أحد رفاقه في «كتائب شهداء الأقصى»: «عاش حكيم الكتائب حياة مترفة، فهو يمتلك معرض سيّارات في جنين، ومقتدر مادياً، وقد بذل وقته وأمواله في بناء خلايا الكتائب، وأنفق عليها لشراء الأسلحة (...)، يجيد الطبيب المقاوم استخدام السلاح على نحو مبدع، يمتلك حسّاً أمنياً عالياً، وخلال سنوات من عمله في بناء وتأسيس الكتائب، لم يتجاوز عدد مَن يعرفون بدوره أصابع اليد».
استشهد في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أثناء تصديه لاجتياح جيش الاحتلال لمخيم جنين، كاشفاً برحيله تفاصيل غابت طوال سنيّ حياته الـ43، وجامِعاً بين «البالطو» الطبّي وسمّاعة علاج المرضى وبين الزيّ العسكري والبندقية، في تمازُج استثنائي لرجل ألبسَ الغرابة ثوب الممكن.
نعته كتيبة جنين، وقالت كتائب شهداء الأقصى - لواء الشهداء إن الشهيد الطبيب عبدالله أبو التين من مؤسسي لواء الشهداء رفقة الشهيد داود الزبيدي.