«لا» 21 السياسي -
في العام 1513 هاجمت أساطيل الغزاة البرتغاليين مدينة عدن، وبعد معارك غير متكافئة تم احتلالها. هاجر الكثير من الأهالي، وبقي البعض يقاوم بشراسة أوجعت المحتل كثيراً، رغم أنها لم تكن منظمة!
ازدادت ضربات المقاومة فلجأ البرتغاليون إلى خطة مبتكرة لقتلها، حيث جاؤوا بشخص مجهول اسمه «عبدالرؤوف أفندي»، وأطلقوا عليه اسماً ثورياً رناناً، هو «ياسين». لم يكن أحد في عدن كلها يعرف هذا الـ»ياسين»؛ لكن البرتغاليين دعموه سراً بالمال وبعض السلاح لكي يظهر أمام الشعب (المغلوب) بطلاً قومياً.
نادى «ياسين» بالجهاد لتحرير عدن، فانقادت خلفه الحشود. وبعد عدة معارك، متفق عليها مع الغزاة، شاع ذكره، وأصبح الكل يلقبه بالزعيم!

نادت أوروبا -كعادتها- بمؤتمر عالمي عاجل من أجل السلام، وطلبت من الزعيم المجاهد «ياسين» الحضور لـ«سلام الشجعان» فوافق!
وفي تمثيلية مكشوفة تحدّى «ياسين» أن يحضر البرتغاليون! تمنّعت البرتغال في البداية تمنُّع الراغب، ثم قبلت وتم كل شيء كما خُطِط له. أعلن «ياسين» حكومته المحلية، واعترف بحق البرتغال في عدن! فقسمت عدن إلى قسمين: قسم يحكمه العميل «ياسين» ويتبعه اللاجئون والفقراء، وقسم آخر يحكمه المحتل البرتغالي ويمتلك النصيب الأكبر من الأرض والثروة!
يقول ماركس: «التاريخ يعيد نفسه مرتين: في المرة الأولى كمأساة، وفي الثانية كمهزلة».
يتغير الزمان والمكان والأشخاص، وتبقى القصة والحبكة والحيلة ثابتة لا تتغير، فالفخ هو الفخ، والخيانة هي الخيانة، والنتيجة للأسف هي النتيجة!
فهناك في عاصمة الضباب يقزقز «ياسين» لب الـ(إم 16)، وفي عاصمة الغراب يتقنفز «ياسين» آخر بين أقدام عيال زايد، وفي عاصمة الخراب يتقافز «ياسين» بين أحضان سفراء الاستعمار القديم الحديث. أما ها هنا في عاصمة الصمود فنسأل الله السلامة من «ياسين»، وألف ياسين ممن يتقنفزون على دماء الشهداء ممجدين «أباطرة الحرب» ويفتشون في بطون أمهات الشهداء والكتب يتوسلون حبالاً سرية للتواصل مع «طويلي العمر» وللاتصال مع أصحاب الشوارب واللحى النفطية!