اليمن بالحبر الغربي -
خلافاً للتضليل الذي اعتمده الإعلام العربي، وتحديداً الخليجي، عن طريق بثّ الأكاذيب بصورة كبيرة، اعتمد الإعلام الغربي سياسة التعتيم وحجب الأدلة على ما يجري في اليمن.
وكان لافتاً أن أبرز وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الغربية، التي ترسل صحفيين إلى مختلف مناطق الحروب والصراعات في العالم للتغطية الميدانية، لم ترسل صحفيين إلى اليمن بهدف التغطية الميدانية للحرب، وما تخلّفه من مآسٍ وكوارث.
ورغم كل الأرقام الصادمة عن المجازر وقتل المدنيين الأبرياء وتداعيات حصار التحالف السعودي لليمن، فإن الإعلام الغربي التزم، في الفترة الأولى من الحرب، الصمت.
على سبيل المثال لا الحصر: بثت وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية (ABC، CBS، NBC) ما مجموعه 92 دقيقة من التغطية منذ بداية الحرب في اليمن وحتى العام 2020. وهي تغطية منخفضة كثيراً بالنظر إلى حجم الفظائع في البلاد.
وبحسب البيانات، فإن شبكة (MSNBC) لم تقم بتغطية ما يجري اليمن على الإطلاق، في الفترة الممتدة من تموز/ يوليو 2017 إلى تموز/ يوليو 2018.
أما بالنسبة إلى الصحف، فذكرت مجلة (Columbia Journalism Review) أن أول تقرير مهم ظهر عن اليمن في الصحفة الأمريكية كان في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، عندما انفجرت قنبلة في جنازة في صنعاء، وقتلت أكثر من 100 شخص.
هذه الحادثة كانت بعد نحو عام ونصف العام على بدء الحرب في اليمن؛ إذ إن رعب الحادث، والتقارير التي كشفت بعد أسابيع قليلة أن القنبلة صُنعت في الولايات المتحدة، أجبرت الإعلام على الحديث عن هذه القصة.
موقع (THE INTERNATIONAL REVIEW) عقّب على هذا الأمر قائلاً إنه «يصعب تداول رواية اليمن للجمهور الأمريكي، ويصعب على واشنطن تبرير مشاركتها في الحرب هناك؛ فهي تدعم التحالف السعودي المسؤول عن ارتفاع عدد القتلى المدنيين، وقد ارتكب قائمة كبيرة من جرائم الحرب، فيما لم تقتل حركة أنصار الله أي مواطن أمريكي، على عكس داعش في سورية».
لكن ما أدى إلى الارتفاع الأخير في تغطية أخبار الحرب على اليمن من قبل الإعلام الغربي، وخصوصاً الأمريكي، بحسب العديد من الصحفيين، هو مقتل الصحفي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول.
بالتوازي، ناقش إدوارد هيرمان ونعوم تشومسكي، في عملهما الأساسي «صناعة الموافقة»، ميل وسائل الإعلام إلى التمييز بين «الضحايا الجديرين وغير المستحقين». وقالا: «إذا كان الضحايا يتناسبون مع رواية سياسية معينة، فسوف يتلقون اهتماماً إعلامياً»، بينما «فشل مقتل اليمنيين في خدمة أي رواية سياسية مغرية».
وختما بالقول: «ولو كانت وسائل الإعلام جادة حقاً في تحديد الجرائم السعودية، لكانت وثقت وقوع عدد هائل من القتلى المدنيين في اليمن».
إلى جانب التعتيم الغربي في الحرب الإعلامية على اليمن، الذي دفع البعض إلى تسمية ما يجري بـ«الحرب المنسية»، انساق الإعلام الغربي وأبرز الصحف البريطانية والأمريكية، إلى تبني الرواية السعودية للحرب على اليمن.
وقد تنبهت هيلجا زيب - لاروش، مديرة معهد «شيللر» الدولي، للموقف الإعلامي في الغرب من حرب اليمن. وقالت، في كلمتها المقدمة إلى مؤتمر برلين الذي عقد في 25 شباط/ فبراير 2017 تحت شعار «جرائم الحرب المنسية في اليمن»: «لم يفضح النفاق الذي لا يُحتمل لمن يسمى «الغرب الحر» شيئاً سوى الامتناع عن التغطية الإعلامية لجرائم الحرب التي ترتكب يومياً ضد الشعب اليمني».
وتساءلت في الكلمة ذاتها: «أين هم كل أنصار «التدخلات الإنسانية»، الذين يحرضون على الحروب الواحدة تلو الأُخرى تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان، المبنية في حقيقة الأمر على الأكاذيب؟! أين هي التقارير الصحفية بشأن قصف مجالس العزاء والمستشفيات واستخدام القنابل العنقودية المحرَّمة دولياً، وبشأن موت الأطفال بسبب الأمراض التي بالإمكان الوقاية منها؟! أين هي الاحتجاجات ضد التدمير الممنهج للتراث الثقافي والإرث الإنساني العظيم؟!».

بتول رحّال - «الميادين نت»