«لا» 21 السياسي -
هل ثم من كان يتوقع أن تتزود مدينة عدن قبل أسابيع بالوقود من المخا والمكلا ومأرب لولا تعطيل مينائها، وهو أحد أهم الموانئ في العالم (سابقاً)، بإرادة إماراتية، جراء تخوّف محمد بن زايد من منافسته مينائي جبل علي وأبوظبي؟!
الأمر أشبه بأن يكون لديك مركبة وتريد ملأها بالوقود، وبدلاً من المرور على أول محطة تقع على الطريق يدفعك هؤلاء بعد أن أغلقوا هذه المحطة إلى محطتهم الواقعة خارج الطريق لتعبئ منها سيارتك وتعبئ بنقودك جيوب أولئك اللصوص. هذه صورة مبسطة عن واقع الحال بين ما يعمله رؤوس العدوان بموانئ اليمن وموانئهم، وإن كان الواقع أسوأ بكثير.
ففي ظاهر الأمر يأتي انحسار الدور الملاحي لميناء عدن نتيجة قرار حكومة الخونة رفع قيمة الدولار الجمركي بداية العام الحالي ورفضها التراجع عن القرار. غير أن حقيقة الأمر هي أن ميناء عدن قد تعرض للتعطيل المبرمج والمتعمد مع السنوات الأولى للعدوان على اليمن، ومن قبل دول ذلك العدوان، وبتنفيذ مشترك بينها وبين أدواتها الارتزاقية على الأرض، فتعرضت معدات الميناء للصدأ والتلف بسبب الإهمال والترك من دون صيانة.
مما لا شك فيه أن الإمارات قد أحكمت قبضتها على موانئ جنوبية أساسية والمناطق المحيطة بها، وفعلت ذلك في محافظات عدن وحضرموت وشبوة وميناء المخا وأرخبيل سقطرى وجزيرة ميون (المعروفة أيضاً باسم جزيرة بريم) في مضيق باب المندب؛ لكنها لم تفعِّل أيٍاً من تلك الموانئ، بل ودمرتها وحيَّدتها عن وظيفتها الاقتصادية إلى التوظيف العسكري والأمني القذر، وأفقدت سكان تلك المناطق المحتلة الحد الأدنى من الأمن الغذائي بمساعدة من مرتزقة الدراهم.
فمجموعتا موانئ دبي وموانئ أبوظبي ليستا في حالة عجز عن الاستثمار في الموانئ اليمنية؛ لكنها عقلية البدوي الحاقد ومهمة المحتل الفاسد وخدمة مجانية للصهاينة ومدفوعة الثمن من دماء وحياة اليمنيين. فلننظر معاً إلى مختصر عما تمتلكه تلكم المجموعتان، ولو من باب العلم بالشيء يا خونة المدن ويا مرتزقة الموانئ.
مجموعة «موانئ دبي» وفي غضون عقدين فقط نجحت بأن تدير أكثر من 75 محطة بحرية موجودة في أكثر من 40 دولة حول العالم، ومتحكمة بـ10٪ من حركة الحاويات عالمياً، حيث تتعامل مع 70 مليون حاوية يتم جلبها من نحو 70 ألف سفينة سنوياً لتتصدر قائمة مشغلي الموانئ في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، ومن المتوقع -وفق التوسعات- الوصول إلى 93.6 مليون حاوية نمطية بنهاية العام الجاري لتلبية الطلب المتزايد في الأسواق التجارية الرئيسية.
وبلغت القيمة الاستثمارية لمشاريع المجموعة حول العالم نحو 65 مليار دولار (239 مليار درهم) في نهاية العام الماضي.
وسجلت المجموعة أداء قوياً في قطاع الخدمات اللوجستية، الذي بلغت عائداته 3.9 مليارات دولار (نحو 14.3 مليار درهم) خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة مع 2.9 مليار دولار (10.5 مليارات درهم) في الفترة ذاتها من العام الماضي، وبنسبة نمو بلغت أكثر من 36٪
وليس بعيدا عنها تأتي مجموعة «موانئ أبوظبي» التي تأسست في 2006 وتشمل محفظتها 10 موانئ ومحطات في الإمارات، بالإضافة إلى أكثر من 550 كيلومتراً مربعاً من المناطق الصناعية ضمن كل من مدينة خليفة الصناعية وزونزكورب اللتين تشكلان معاً أكبر مجمع تجاري ولوجستي وصناعي في منطقة الشرق الأوسط.
وبفضل توسيع وتعزيز أنشطتها، ولاسيما عبر الاستحواذات، حققت مجموعة موانئ أبوظبي خلال العام الماضي صافي أرباح بنسبة زيادة 50٪ إلى 1.27 مليار درهم (345.8 مليون دولار) ارتفاعا من 854 مليون درهم في 2021، بحسب بيان للمجموعة.
يتحدث موقع «إنتليجنس أونلاين» عن صراع بين إمارتي أبوظبي ودبي بشأن مَن يستحوذ على الموانئ الاستراتيجية في أرجاء العالم؛ لكن لم يعد أحد يتحدث عن موانئ اليمن المحتلة. انتهى الحديث، فليسمعوا صوت المدافع.