لا ميديا -
«استوقفني فقط، في رحلة العجوز الشهيد، ذلك السباق الذاتي المحموم مع شيخوخته، عندما أيقن أنّ ما يهزم الشيخوخة طفولة الحجر، وشرارة التحدّي في العيون التي تثقب المخرز، والانتصاب في وجه الجنديّ الذي تعلوه ألف علامة استفهام عن عجوزٍ يفرّ من دعة الشيخوخة والاسترخاء على كرسيّ قش في المقاهي وأمام عتبات البيوت، ليزاحم الشباب في تظاهرات الاحتجاج والاعتصام، ليكون في أول الصفوف». الكاتب باسل طلوزي
عُرف بلحيته الطويلة البيضاء، متميزًا بهندامه العربي (الكوفية والقمباز)، ولهجته البدوية، يحمل بزهو علم فلسطين على كتفه، ويتكئ على عكازه ملوحا به في وجه الغزاة والمحتلين. تميز بالصلابة والجسارة والعناد والدفاع عن أرضه ونشاطه الكفاحي، ومشاركته الدائمة في الفعاليات الوطنية المناهضة للاحتلال، رافضًا القهر والظلم في كل مكان.
منذ أكثر من 50 عاما وهو يتقدم جموع المتظاهرين، يواجه جيش الاحتلال وآلياته وقطعان المستوطنين على الأرض، يحتفظ ببصمة هتاف خاصة يرددها حيث كان: «اللهم حرر الأسرى والمسرى (الأقصى)». فغدا أيقونة المقاومة الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، خاصة في منطقة مسافر يطا في محافظة الخليل.
تنحدر عائلته من منطقة عراد بمحاذاة أراضي عام 1948، جنوب محافظة الخليل، وسكنت عام 1965، في بلدة «أم الخير» أقصى جنوب الضفة الغربية المحتلة؛ لكن الاحتلال أقام على جزء من أرضها مغتصبة «كرمئيل» عام 1980، والتي ظلت تتوسع يوما بعد يوم.
تصدى للمحتلين الصهاينة وتحدى مخططاتهم الرامية إلى طرد أهالي بلدته «أم الخير». اعتقل الاحتلال كثيرا من أفراد الهذالين لفترات طويلة، وهدم منازلهم أكثر من 15 مرة، لترحيلهم عن أرضهم. ومع كل عملية هدم أو اقتحام للبلدة، كان يمسك عصاه ويقف في وجه الجنود المدججين بآلات القتل رافضاً ظلمهم وحصارهم.
في 5 يناير/ كانون الثاني 2023، عند مدخل قريته، دهسته شاحنة تابعة لقوات الاحتلال الصهيوني، وتركته ينزف وغادرت المكان، وأُدخل المستشفى ليستشهد بعدها بأيام قليلة.