لا ميديا -
«بقميص أصفر خفيف، وبنطال بُني، وجسم نحيل جداً، وشعر مليء بالشيبب، ولطف لا يحتمل... أتذكر الأستاذ نزيه، الذي درّسني مادة العلوم في المدرسة الابتدائية في جنين، ولم أكن أعرف عنه شيئاً سوى أنه من المخيم» (عبّاد يحيى).

وُلد نزيه محمود أبو السباع عام 1972، في مخيم جنين. بعد الشهادة الثانوية التحق بجامعة القدس ليدرس تخصص هندسة كيميائية.
اعتقله الاحتلال عام 1990، لمدة 6 شهور، لمشاركته في فعاليات حماس. وبعدها بسنتين أخضعه المحتلون لتحقيق عنيف، ولم يحصدوا غير الفشل، وحكموا عليه عام 1994 بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة العمل العسكري في كتائب القسام. ولثقافته الواسعة كان أمينا للجنة الثقافية في السجن.
عاد الى الجامعة لإكمال دراسته، وليتخرج مهندسا بعد أكثر من 9 سنوات من التحاقه بالجامعة لاعتقاله المتكرر. في المخيم واصل مشواره مهندسا كيميائيا، ومعلما في مدرسة جنين، ونائب رئيس مجلس إدارة نادٍ إسلامي جنين.
السرية التامة كانت شعاره في تصرفاته كافة، مهما بدت اعتيادية، مما أربك الصهاينة في تقديراتهم الأمنية حوله، فكانت له رحلات قاسية مع التحقيق.
في 16/ 2/ 2002، كان يقطع طريقه عائداً إلى البيت. وباقترابه من سيارة واقفة تناثر جسده شظايا. لقد كانت مفخخة لاغتياله.
يقول تلميذه متسائلاً: «أما لماذا يغتالونه بتلك الطريقة المتفجرة؟! فهذا ما احتجنا لأيام حتى نعرفه.
كنت صغيراً، لا أتابع الأخبار إلا مكرهاً، ولا أدري ماذا يقول شارون. ولكن البوستر الذي ظهر فيه أستاذنا نزيه أبو السباع شهيداً، كان يقول إنه مسؤول عن محاولات نقل الصواريخ من غزة إلى الضفة! هكذا بكل وضوح، نصف جسده العلوي وإلى جانبه عدة صواريخ برؤوس حمراء! وبعد أيام سمعت أن شارون قال إن إسرائيل تخلصت من قنبلة موقوتة.
أصبح الأستاذ نزيه خبيراً في كل شيء؛ صار خبيراً بقوانين المقذوفات وطرق التهريب، والمسافة الحرجة بين قلقيلية والساحل... صار شخصاً آخر عند استشهاده، أو كأننا اكتشفناه على حقيقته، كأن الشهادة ولادة لشخصه الحقيقي».