عادل بشر / لا ميديا -
حالة من الارتباك تعيشها الإدارة الأمريكية مع كيفية الرد على العمليات العسكرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي والتي تستهدف السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال الصهيوني وتتصاعد يوماً بعد آخر، في ظل ضيق الخيارات المطروحة على طاولة «واشنطن» وحلفائها في ما يُسمى تحالف «حارس الازدهار»، وسط إصرار يمني على الاستمرار في عملياته حتى يتوقف العدوان على الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال ما يحتاجه القطاع من غذاء ودواء.
وفيما يشير الإعلام الغربي إلى أن الولايات المتحدة تعكف مع بعض الدول المشاركة في التحالف البحري، الذي تم إنشاؤه لحماية السفن الصهيونية، على دراسة الخيارات المتاحة للرد على اليمن، يؤكد مسؤولون أمريكيون أن «الأمور لا تسير بشكل جيد» وأن «واشنطن» و»لندن» تواجهان معضلة في إيقاف العمليات اليمنية في البحر والمستهدف بها السفن المتجهة إلى الاحتلال الصهيوني.
وتيرة الارتباك الأمريكي والبريطاني، الذي تحدثت عنه صحف غربية، ارتفعت مع معلومات تلقتها  «واشنطن» و»لندن» معززة بالمعطيات الميدانية، وتؤكد استعداد «صنعاء» جيداً وأكثر من أي وقت سابق، لحرب استنزاف طويلة المدى قد تنتهي بكسر الهيمنة الأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي والمنطقة برمتها، في حال أقدمت الدولتان وحلفهما البحري على تنفيذ تهديدها  بتوجيه ضربات عسكرية لليمن. مشيرة إلى أنه «بالإضافة إلى الأسلحة النوعية التي تمتلكها القوات اليمنية وتُرجح كفتها في ميزان المواجهة البحرية مع أي قوة أخرى، تستند هذه القوات على تأييد شعبي كبير، يؤمن بأن المعركة إلى جانب الفلسطينيين مقدسة».
وشهدت العاصمة صنعاء ومختلف الميادين في 13 محافظة على خارطة السيادة اليمنية، أمس الأول، مسيرات مليونية، أدهشت العالم، بحسب توصيف محللين سياسيين وعسكريين، وأعلنت تلك المسيرات تأييدها لعمليات القوات البحرية ضد السفن الصهيونية، وتفويضها الكامل للقيادة الثورية والسياسية باتخاذ كافة الخيارات لردع أي اعتداء أمريكي وبريطاني على اليمن والاستمرار في إغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة «الإسرائيلية»، حتى يتوقف العدوان على غزة والضفة والغربية.
وإلى جانب التفويض الشعبي، أكد مجلس النواب في جلسته، أمس بصنعاء، موقف اليمن برلماناً وحكومة وشعباً الرافض لما جاء في بيان التحالف الأمريكي المكون من 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة من مغالطات وافتراءات منافية للحقيقة حول ما يجري في البحر الأحمر.
وجدد المجلس حرص اليمن على أمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب باستثناء السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى يتم إنهاء العدوان على غزة وفتح المنافذ لدخول الغذاء والوقود والدواء إلى الشعب الفلسطيني.
كما جدد تأكيده على حق اليمن والقوات المسلحة اليمنية في حماية السيادة اليمنية وتأمين الملاحة في المياه الإقليمية والقيام بواجبها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني والعمل على كسر الحصار المفروض على غزة، لافتاً إلى أن دول التحالف الأمريكي تسعى لعسكرة البحر الأحمر وتهديد أمن الملاحة الدولية خدمة للكيان المجرم.
وفي السياق أكد رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام، أن شعبنا اليمني لا يهدد أي دولة لا تعتدي عليه وفي ذات الوقت لا يقبل من أحد أن يتعاطى معه بلغة التهديد.
وأوضح عبدالسلام في منشور على منصة (X) أن «ما يهدد المنطقة ودول حوض البحر الأحمر الوحشية الإسرائيلية والعسكرة الأمريكية للبحر خدمة لإسرائيل». مشدداً «أن على أمريكا وحلفائها أن يقلعوا عن عقلية الاستكبار وأن يدركوا أن محاولة الإخضاع بالقوة لن تجدي نفعاً».
ولفت إلى أن «موقف اليمن محق ومسؤول بمساندته لغزة في مواجهة الدموية الصهيونية والمفترض أن تتوجه الضغوط نحوها لوقفها ورفع الحصار عن قطاع غزة».

خطط الرد عقيمة
في غضون ذلك أفادت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية، أنّ مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن يضعون خططاً للرد في حال توسّعت الحرب في قطاع غزّة إلى صراعٍ إقليميٍ أوسع وطويل الأمد.
‏وتحدث أربعة مسؤولين مُطلعين على الأمر لم يكشفوا هويتهم، بمن في ذلك مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، عن المحادثات الداخلية بشأن السيناريوهات التي يُمكن أن تجرّ الولايات المتحدة إلى حربٍ أخرى في الشرق الأوسط.
وبحسب الصحيفة، يقوم الجيش الأميركي بصياغة خطط للرد على الهجمات اليمنية في البحر الأحمر، وتشمل ضرب أهداف يمنية، وفقاً لأحد المسؤولين، وهو خيارٌ سبق أن قدّمه الجيش الأميركي.
‏وفي الوقت نفسه، وفقاً للصحيفة، يحاول مسؤولو الاستخبارات التوصل إلى طرقٍ لتوقّع ودرء الهجمات المُحتملة على الولايات المتحدة من قبل من وصفتها بـ«القوات المدعومة من إيران في العراق وسورية»، كما أنّهم يعملون على تحديد المكان الذي قد تُوجّه فيه القوات اليمنية ضرباتها التالية.
وذكرت الصحيفة أنّ الأمر الذي يُثير القلق بشكلٍ خاص هو احتمال التصعيد في البحر الأحمر.
‏وعلق مسؤول أميركي سابق في الخارجية الأميركية، حول إمكانية الهجوم الأميركي على اليمن.
وقال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق، إن الأمور لا تسير بشكل جيد، لافتًا إلى أن أميركا الآن ستكون ملعونة إن فعلت وملعونة إذا لم تفعل.
وأوضح شينكر، في مقابلة على قناة «الحرة»، أنها إذا ردت فهذا يمكن أن يصعد النزاع وإذا لم ترد فهذا سوف يعزز السلوك الحالي، واصفًا ذلك بأنه «حيرة معيارية» تواجهها الولايات المتحدة في البحر الأحمر.
وأضاف أن الموقف الدفاعي في البحر الأحمر لن يحقق شيئًا جيدًا بل سيحقق الضرر وأضرارا أكثر خطورة في الملاحة الدولية كل يوم.
شبكة «سي إن إن» الأميركية، من جهتها، نقلت عن مسؤولين أميركيين أنهم «يعانون مع كيفية الرد على الهجمات المتصاعدة في البحر الأحمر، من دون إثارة حرب أوسع في الشرق الأوسط».
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لـ«سي إن إن» إنّ «الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة المميتة مرة أخرى ضد اليمنيين دفاعاً عن النفس».
وعلاوةً على ذلك، بحسب «سي إن إن» يعتقد البعض في واشنطن أنّ اليمنيين يزدهرون في الحرب ويريدون جر القوات الأميركية إلى اشتباك طويل الأمد. وأشار مسؤولون إلى أنّ «الحرب التي قادتها السعودية منذ سنوات ضد الحوثيين في اليمن لم تقض عليهم».