استطلاع:بشرى الغيلي/ لا ميديا -
بينما كان الباص في وجهته تحت «جسرِ مذبح» وقف مجموعة من الشباب ليناولوا الركاب حبات التمر والماء، وفعلا أذن المغرب والباص في الطريق فارتفعت الدعوات بالإفطار ولمن قاموا بتلك اللفتة الأكثر من إنسانية.. فقبل لحظات الإفطار تجد شوارع العاصمة صنعاء بحالةِ استنفار خاصة «المستعجلين» في العودة لبيوتهم وأسرهم ومشاركتهم لحظات الإفطار على موائد رمضان.. وتجد أيضا الازدحام على أشده، بل في ذروته وتشعر كأن حبات التمر، أو «السنبوسة» التي تنتظرهم ستطير من مكانها وأطباقها.. حتى من شدةِ السرعة تحدث في تلك اللحظات حوادث مرورية مؤسفة.. وبينما يخشى الكثيرون التأخير والعلوق في الزحمة تمتدُ إليهم أيادٍ بيضاء بحباتِ التمر والماء من شبابٍ سخروا أنفسهم لفعل هذه المبادرات الرائعة والجميلة في شهر الخير، وهنا في صحيفة«لا» استطلعنا مجموعة من الآراء حول تلك الظاهرة الرمضانية الجميلة والتي تستحق الإشادة حتى تستمر، وبإمكانها أيضا التخفيف من السرعةِ التي عادة ما تقلب لحظات السعادة بإفطار الصائمين إلى أتراحٍ وأسف.

روح التكافل والطمأنينة
«حصل معي في شارع الأربعين جوار الرئاسة عند المطب من قبل بعض الشباب المشاركين عبارة عن كيس تمر وصحة ماء.. كتب الله أجرهم»، ذلك ما افتتح به استطلاع «لا»، عباس الهردي (محام).
ويضيف أنه صادف تلك المواقف الجميلة والتي تحيي روح التعاون والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد وتؤكد أن الدنيا مازالت بخير في زمن عنوانه البؤس والتخاذل، كذلك تبعث في النفس طمأنينة من خلال هذه المبادرات المجتمعية الأخلاقية.

صادفتهم مرتين
تلك الظاهرة والمبادرات الجميلة انتشرت أيضا في أكثر من محافظة يتحدث هنا من محافظة إب سمير أبلان يقول: «مبادرة رائعة وجميلة تستحق الدعم والإشادة عندنا في محافظة إب توجد هكذا مبادرات وقد أعطاني الشباب مرتين فطورا مرة في جولة العدين، والمرة الثانية جوار حديقة خليج سرت.. ويتسابق الشباب لإعطائك الفطور بل إن البعض يريدك أن تتناول معه العشاء».

تستحق الدعم
«حصلت لي رمضان الماضي كانت الأجواء أمطارا غزيرة في العاصمة صنعاء وأنا مروحة من الإذاعة خلصت برنامجي والطريق زحمة جدا، تأخرت وكنت عطشانة ولست قادرة على النزول لأشتري ماء بسبب المطر فلقيت ولدا صغيرا يوزع تمرا وماء جاء في وقته تماما فكانت دعوتي له بسقاك الله من حوضِ الجنة..» تلك المصادفة الجميلة كانت مع الإعلامية بثينة الجندبي -إذاعة يمن FM.. وتختم أنها من أجمل المبادرات التي تستحق أن يدعمها الكل ويشيد بها لما لها من أجر كبير وفضل عظيم.

مبادرات منزلية
أما علياء خالد (تربوية) فتتحدث قائلة: «بادرة جميلة بالفعل تستحق الإشادة والتشجيع والمشاركة فيها من خلال تقديم المساعدة لمن يقوم بها مالياً ليتسنى له شراء التمر والماء أو بتوفير وجبة إفطار وتسليمها لكي يوزعوها، لكسب الأجر من الله عز وجل ومن باب التراحم وغرس القيم النبيلة في المجتمع.
وختمت أنها لم تصادف موقفا من ذلك كونها مستقرة بالبيت، وأنها هي وجاراتها يقمن بذلك كمبادرات منزلية بأنواع معينة من الطعام، من وجبات الإفطار بينهن البين، وتمنت علياء أن تشارك يوما في مثل تلك الأعمال النبيلة ولو من بعيد.
تتفق مع الرأي السابق أمة الله الأرحبي (معيدة بكلية أرحب) وتضيف أنها مبادرات جميلة جدا وتعاون لطيف يجسد قيما نبيلة في المجتمع، ولم تصادف ذلك كونها ربة بيت ولكنها تشدد أيضا على الاهتمام بهكذا مبادرات.

الحرص على الجانب الصحي
الإعلامي محمد الداهية يرى أنها مبادرات فيها الخير والثواب ويتمنى تشجيعها من قبل الداعمين، وأن تكون مبنية على قيم ومبادئ وأهداف نبيلة بحجم الأجر من الله تعالى، وشدد على الحرص على الجانب الصحي للمستهدفين من حيث النظافة وسهولة الاستخدام.. ويضيف: «كثير من الأوقات تصادفني مبادرات كهذه أغلبها جيدة، وهناك ما يحتاج إلى إشراف وحرص كالنظافة وتحديدا التمر، لأن هناك تمرا أصبح غير صالح للاستخدام، أو مختلطا بالتراب، أو ذرات حصى..»، ويؤكد أنها بالمجمل رائعة جدا طالما كانت منظمة وتتعامل بمسؤولية.

مبادرات ملهمة وتعزز الروابط الإنسانية
ختم هذه الروزنامة الجميلة محمد سلطان الشرفي (ناشط اجتماعي) الذي أشاد بأنها مبادرات ملهمة لاسيما أن الهدف من هذه المبادرات هو تعزيز الروابط الإنسانية وترسيخ ثقافة العمل التطوعي لدى أبناء المجتمع، وتفعيل دورهم مع المحتاجين.
ويضيف الشرفي: «حصلت لي تجارب منذ 2016 في كل رمضان، كنا نوزع كراتين تمور وسلات غذائية وتمكنا -والحمد لله- من جمع واستقبال المساعدات، بفضل مشاركة الكثير من المغتربين الذين كانوا متعاطفين مع الوضع في اليمن».
وختم الشرفي بأن العمل على تلك المبادرات -كونه صاحب تجربة- رافقه الكثير من الإشكالات: «كتوافد المكتفين والذين وضعهم المادي لا بأس به ومزاحمة المحتاجين، وكثرة أعداد المحتاجين أكثر مما هو بين أيدينا، وعدم تعاون أصحاب الناقلات معنا في تكاليف النقل والمساعدات بالكاد تكفي الناس والمتبرعين يتبرعون فقط بالمساعدات ولا ينتبهون للنقل.. وأيضا مشاكل التصوير إذ المتبرع يريد التصوير والناس ما يريدون».
كما تابعت -عزيزي القارئ- فإن من صادفوا تلك المواقف جعلتهم يشعرون بقيم كبيرة جدا كادت أن تختفي وتنقرض من المجتمع، فكم هو جميل أن نشارك جميعا في تعزيز تلك القيم الموجودة أساسا في مجتمعنا اليمني العظيم.